واستمر ابن طولون أميرا على مصر حتى مات بها عام ٢٧٠ ه (١) ، وولي بعده ابنه أبو الجيش خمارويه ، وظل أميرا على مصر حتى قتل عام ٢٨٢ ه ، وولي بعده ابنه «جيش» فأقام تسعة أشهر قتل بعدها ، وخلفه أخوه هارون بن خمارويه الذي ظل أميرا على مصر حتى قتل عام ٢٩٢ ه ، وولى عمه أبو المغانم شيبان ، فورد من قبل المكتفي بعد اثني عشر يوما من ولايته محمد بن سليمان الواثقي الذي سلم إليه شيبان الأمر ، واستصفى أموال آل طولون ، وانقضت الدولة الطولونية ، وامحت أيامها من تاريخ مصر السياسي.
كان من البدهي أن تكون عاصمة الملك في أيام الدولة الطولونية هي مدينة أحمد بن طولون ، وأصبح مسجده المشهور محط الرحال ، ومجلس العلماء ، ومستقرا للحلقات العلمية الكثيرة التي تدرس فيها علوم الدين واللغة والأدب .. وظهر في مصر وفي حلقات مسجد أحمد بن طولون كثير من العلماء والأئمة والأدباء والشعراء.
ومع ذلك فقد ظل «مسجد عمرو» يؤدي رسالته بجانب المسجد الطولوني الكبير ، بل ظل إلى أمد قريب يعج بالحلقات والعلماء ، حتى لبروى أنه كان فيه قبل عام ٧٤٩ ه بضع وأربعون حلقة ، لإقراء العلم لا تكاد تبرح منه (٢).
أسس جامع ابن طولون (٢) عام ٢٦٣ ه ، في مدينة أحمد بن طولون التي سماها «القطائع» ، وفرغ من بنائه عام ٢٦٦ ه. وصلى فيه القاضي بكار إماما وخطب فيه أبو يعقوب البلخي ، وأملى فيه الحديث الربيع بن سليمان تلميذ الإمام الشافعي (٣) ، وظلت الحلقات العلمية فيه إلى أمد بعيد ، فكانت فيه دروس للتفسير والحديث والفقه على
__________________
(١) راجع ٩ و١٠ ج ٢ حسن المحاضرة.
(٢) ١٣٦ ج ٢ حسن المحاضرة طبعة القاهرة ١٣٢٧
(٣) ١٣٧ ج ٢ المرجع السابق