عمر مكرم الأزهري الزعيم المصري الخالد :
وكان عمر مكرم من أرفع أسماء المصريين ذكرا في القرن الثامن عشر ، قضى حياته في خدمة الشعب وتحقيق أمانيه ورفع الحيف عنه والسعى إلى تحريره وإعلاء كرامته ، وقد حفزته عاطفته الوطنية المشبوبة الى منأهضة الفرنسيين توطئة لإخراجهم من مصر.
كانت بيوت البكري والسادات ومكرم هي البيوتات المعروفة في غضون القرنين السابع عشر والثامن عشر ، فإذا ألم ظلم بأفراد الشعب من الحكام العثمانيين أو المماليك أو رجال الحملة الفرنسية لجأوا إلى هذه البيوت يستظلون بحماها ، ويستعدون أربابها ويطلبون المشورة ودفع الحيف عنهم.
وكان أول ظهور عمر مكرم في ميدان السياسة في عام ١٧٩٥ حين اضطربت الأمور في القاهرة وفزع الناس من طغيان إبراهيم ومراد من أمراء المماليك ، فقد أبى الشعب وعلى رأسه العلماء ونقيب الأشراف أن يترك الطاغية يحكم على هواه ، وألزموه بشروط يعدها المؤرخون وثيقة حقوق الإنسان الأولى التي سبقت في تاريخها إعلان حقوق الانسان في فرنسا في اعقاب ثورة سنة ١٧٩٨ ، وفي هذه الوثيقة الاجتماعية الكبرى أعلن الأمراء المماليك أنهم يتعهدون بالعدل ، ويتوبون عن المظالم ، ويعدون بالقيام بالواجبات التي يفرضها عليهم القانون والعرف : من صرف الأموال على مستحقيها ، ورفع الضرائب الإضافية ، ويتكفلون بكف أتباعهم عن امتداد أيديهم بالأذى ، وبأن يسيروا في الحكم سيرة حسنة.
ومضت عدة أعوام حتى إذا كان يوم ٣ يوليه عام ١٧٩٨ هبطت قوات الحملة الفرنسية مدينة الإسكندرية تغزو البلاد ، وكان شعب القاهرة في حالة فزع واضطراب ، فهل في وسع المماليك أن يدافعوا ويكافحوا ويردوا الغزاة الفاتحين؟ وتمثلت هذه المحنة في خاطر عمر مكرم بأنها امتداد للحروب الصليبية ، ولذلك أذاع نداء على الشعب يحثه على الجهاد