واليا على مصر : وكان عدد المحتشدين من الشعب في الأزهر يربو على الأربعين ألفا. ولم يجد العلماء إزاء هذا الموقف بدا من تحقيق رغبة الشعب ، فاتجهوا الى دار المحكمة في بيت القاضي ، وحولهم هذا البحر الزاخر من الشعب الهائج يهتف بسقوط الوالي ، وفي المحكمة حضر الجميع واتفقوا على كتابة عريضة بمطالب الشعب عددوا فيها المظالم التي وقعت بالناس من مصادرة الحريات وفرض الضرائب ، وطالبوا برفع هذه المظالم ، وكان ذلك في يوم الأحد ١٢ من صفر سنة ١٢٢٠ ه (١٢ مايو سنة ١٨٠٥ م). ولما وصلت هذه القرارات إلى الوالي استدعى العلماء لمقابلته ، ولكنهم رفضوا ، لأنهم علموا أنه دبر مؤامرة لاغتيالهم في الطريق والقضاء على هذه الحركة الشعبية ، فلما امتنعوا عن الذهاب رفض الوالي إجابة مطالبهم ، فاجتمع وكلاء الشعب من العلماء في يوم الاثنين ١٣ من صفر سنة ١٢٢٠ ه (١٣ مايو سنة ١٨٠٥ م) بدار المحكمة وقرروا عزل خورشيد باشا وتنصيب محمد علي واليا على مصر.
وعقب إصدار القرار في المحكمة توجهت الجموع إلى محمد علي ، وفي طليعتهم علماء الأزهر على رأسهم : الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر ، ونقيب الاشراف السيد عمر مكرم «وذهبوا إلى محمد علي وقالوا له : إنا لا نريد هذا الباشا حاكما علينا ولا بد من عزله من الولاية. فقال : ومن تريدونه أن يكون واليا؟ قالوا : لا نرضى الا بك ، وتكون واليا علينا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير. فامتنع أولا ، ثم رضي. وأخضروا له كركا وعليه قفطان. وقام إليه شيخ الاسلام الشيخ الشرقاوي والسيد عمر فألبساه إياه ، وذلك وقت العصر ، ونادوا بذلك في تلك الليلة في المدينة».
وفي ١١ من ربيع الثاني سنة ١٢٢٠ ه (٩ من يوليه سنة ١٨٠٥ م) وصل مرسوم الدولة ، ومضمونه الخطاب لمحمد علي والي جدة سابقا ووالي مصر حالا ، من ابتداء ٢٠ من ربيع الأول ، حيث رضي بذلك العلماء والرعية.