هذه هي رواية الجبرتي ونحن لا نكاد نسلم بها ، فإن محمد علي عندما علم بنبأ وصول الوحدات البحرية التركية بقيادة قبودان باشا يحمل أمر السلطان بعزل محمد علي وتولية موسى باشا ، سارع إلى الالتجاء إلى القلعة مستعدا للمقاومة وجمع فيها ما استطاع أن يجمعه من معدات الحرب والعمال والاجناد ، وفي هذه الأثناء علم أن محمد بك الألفي المتحصن في البحيرة قد اتصل بالأتراك واتفق معهم. فرأى أن المقاومة لن تجدي ما دام الشعب لا يظاهره ، وأن أعوانه في المقاومة هم قواد الجيش الذين اجتمع بهم وشاورهم فأيدوه في المقاومة «لأنه ما من أحد منهم إلا وصار له عدة زوجات وعدة بيوت والتزام بلاد (جمع ضرائبها) وسيادة لم يكن يتخيلها ولم تخطر بذهنه أن ينسلخ عنها والخروج منها ولو خرجت روحه».
ووصلت الأنباء أن الألفي بعث إلى قبودان هدية فيها ٣٠ جوادا و٤٠٠٠ رأس من الغنم والبقر والجاموس ومائة جمل بالذخيرة ونقود وثياب وأقمشة.
وهنا التجأ محمد علي إلى زعيم مصر الكبير السيد عمر مكرم نقيب الأشراف وبعض الأعيان ، وعرض عليهم الموقف وما فعله الأمراء والمماليك واتفاقهم مع السلطان ، وطلب منهم دراسة الموقف فتركوه وانصرفوا.
حدث هذا في يوم الجمعة ولو أن الشعب المصري كان متعلقا بمحمد علي لا يرضى عنه بديلا ، كما صوره المؤرخون ، لما استدعى بحث الموقف طويلا ، بل كان الرد أن الشعب سيقف بجانب محمد علي في موقفه ومقاومته ولا يحتاج إلى تفكير. ولكن الذي حدث فعلا أن البحث والدرس وتقليب الموقف استمر بين الزعماء المصريين أياما. فمضى السبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء دون أن يتلقى محمد علي ردا ، وهنا قرر محمد علي اتخاذ إجراء حاسم.
بعث باثنين من رجاله هما مدير مكتبه ورئيس التراجمة ، وقد فاجئا