السيد عمر مكرم في داره صباح الخميس ، وقدما إليه صورة التماس كتبه ديوان محمد علي ، على لسان المشايخ الى الباب العالي لتثبيت محمد علي لولاية مصر.
ولو أن المصريين كانوا متمسكين بمحمد علي لوقع الزعماء ـ الذين دعاهم السيد عمر النقيب إلى داره لبحث هذا التطور الجديد في الموقف ـ الالتماس دون مناقشة ، ولكن الذي حدث هذه المرة أيضا أن الاجتماع استمر اليوم كله.
وفي اليوم التالي ، السبت ، حمل هذا الالتماس إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي ومعه أمر بتنظيم «العرضحال» وترصيعه «وتوقيعه» بتوقيعات المشايخ وبصمه بأختامهم ليرسله الباشا إلى الدولة ، فلم تسعهم المخالفة» ... وقد تم هذا فعلا.
وهذا الالتماس رغم طوله لم يخرج عن كونه مدحا للسلطان ، ثم تحقير أعمال الأمراء المماليك ، ثم رفع شأن محمد علي وتبرير لبعض تصرفاته التي أنكرها عليه السلطان وينتهي بطلب إبقائه واليا.
وسارع محمد علي ، بطبيعة الحال ، بإرسال العريضة إلى تركيا ، ولكن حدث مساء الاثنين أن وصل إلى القاهرة رسول من قبودان باشا ليبلغ المسؤولين عن الشعب وهم الشيخ السادات والسيد عمر مكرم والأئمة قرار السلطان بعزل محمد علي. ولما كان الأمر قد خرج من أيدي هؤلاء الزعماء بعد توقيع الالتماس ، فقد ذهبوا إلى محمد علي يعرضون الأمر فأمرهم بالعودة إلى منازلهم على أن يرسل إليهم في اليوم الثاني صورة التماس جديد ينسخونه ويوقعونه.
وفي هذا العرضحال يبدي الزعماء خضوعهم وامتثال لقرار السلطان ولكنهم يبدون تخوفهم من الجند ألا يمتثلوا للأوامر بسبب رواتبهم. وكان محمد علي قد احتاط بتدبير هذه المؤامرة بالاتفاق مع قواد الجند الذين يهمهم البقاء في مصر.