تنمو حتى أصبحت لها إدارة خاصة ، وبلغ عدد الوعاظ الذين تشرف عليهم هذه الإدارة نحو ٢٥٠ واعظا يؤدون للأمة أجل الخدمات في إصلاح الأمن وتهذيب النفوس. ويقضينا الإنصاف أن نشير هنا إلى فضل المغفور له محمد محمود في إنشاء قسم الوعظ ، فقد أشار عليه الشيخ المراغي شيخ الجامع الأزهر سنة ١٩٢٨ م بتعيين عدد من العلماء في وظائف الوعظ بوزارة الداخلية لإصلاح حال الأمن من طريق نشر تعاليم الدين ، فاستجاب لهذه الإشارة بعد استحسانها من لدن الرأي العام في الأمة ، وعين خمسين واعظا في الوجه البحري. وبعد تعيينهم ببضعة أشهر نقلوا بميزانيتهم إلى الأزهر ، فكانوا نواة هذا القسم الكبير. وقد كفل القانون لخريجي الكليات حقوقا أخرى في وظائف الدولة ، ليس هذا موضع تفصيلها. وبهاتين الناحيتين من الإصلاح العلمي والمادي اللتين شملهما القانون المستمد من المذكرة المشار إليها فيما سبق تقاربت مسافة الخلف بين خريجي الأزهر وخريجي المعاهد الأخرى وطوائف الأمة عامة ، وتجدد نشاط الأزهر في أداء رسالته ، وأحست الأمة بأن له مكانا في خدمتها ، وأنه يأخذ منها ويعطيها. ولما كانت الكليات الأزهرية والتي تضمنها القانون في حاجة إلى اماكن للدراسة ، لذلك بدىء بإنشاء هذه الأماكن في مدينة أزهرية خاصة واسعة الأرجاء حول الجامع الأزهر ، لا تقصر عليها بل تتسع لها ولأماكن لمعهد القاهرة ولمساكن الطلاب وللإدارة العامة للأزهر ولمستشفى أزهري خاص ، وتسع عدا هذه الأبنية بناء للمكتبة الأزهرية وما يلحق بها من المطابع وقاعة للاحتفالات العامة تسع ألفين من النظارة ، ووضع تصميم هذه المباني وفتح لها في الميزانية العامة سنة ١٩٢٩ م اعتماد مالي بمبلغ يقرب من ثلاثة أرباع المليون من الجنيهات ، وبدىء في تنفيذها إذ ذاك بالفعل ، وفكر المراغي سنة ١٩٢٨ م في إرسال بعثات أزهرية دراسية إلى بعض الجامعات الأوربية ليكون أعضاؤها دعاة إلى الإسلام كما كان أسلافهم ، وليفيدوا من ثقافة هذه الجامعات المتجددة ما يتصل بمهمتهم ويسدوا حاجة الأزهر إلى تدريس المواد التي اقترح إدخالها ضمن برامج الدراسة في المذكرة المشار اليها. وفي سنة ١٩٣٦ م سافرت هذه البعثات