الشامخ وشيخه الجديد حديثا ملؤه الإعجاب والإجلال ، لأنه حديث الأرواح ونجوى القلوب. أما الأزهر فهو الأزهر كما يعرفه الخاصة والعامة وكما يعرفه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وكما تعرفه الأجيال الغابرة والأجيال الحاضرة .. هو محط الرحال ، وكعبة الآمال ، ومجمع الدين والعلم والأدب ومفخرة مصر والشرق والعرب ، هو قلب الإسلام الخافق ولسانه الناطق ، وعلمه المرفوع ، هو تلك الجامعة العظيمة التي أضفى عليها الزمان ثياب الجلال وأسبل عليها الخلود ستور الجمال ، فحفظت للإسلام مكانته ورفعت للدين رايته ومدت على العربية ظلها الممدود ، وحملت لواءها المعقود ، وخرجت أئمة الهدى ومصابيح الحكمة وشعت منها أشعة النور في كل بقعة ومكان ـ فالأزهر هو دعامة الأخلاق وحصن الفضيلة ومفخرة القاهرة وصرح مصر الخالدة ، بل هو معجزة الدهور وآية القرون .. وما دام للأزهر وجود فله رسالة في الحياة تضارع في جلالها رسالة الأنبياء ووحي المرسلين ، وإن استمدت آيتها من آيتهم ، وهديها من هديهم.
رسالة الأزهر هي العناية بنشر الدين ، والسهر على مصالح المسلمين ، وإحياء الأخلاق الفاضلة ، وإقامة المبادىء العادلة التي جاء بها القرآن الكريم ، وإيقاظ الشرق الراقد من غفلته ، ليكون مهبط الوحي ومبعث النور ومصدر الهداية ورسول الحضارة ، وقائد العالم كما كان الأزهر في أيامه الماضية.
وإذا كان للأزهر مكانة وجلالة ومهمة ورسالة ، فله رئاسة جليلة نصبها الإسلام عنه وكيلا وأقامها الأزهر له كفيلا ، فالتفت حولها القلوب ، وشايعتها الأرواح وآوى اليها الخائف والمظلوم والمكروب.
ولقد أدت مشيخة الأزهر للشرق والإسلام خدمات جليلة ، فحفظت تراث السالفين وسهرت على تهذيب الناشئين ، وأطفأت نار الشك ببرد اليقين.
ولما طفر التعليم المدني في مصر أقبل عليه الناس وجحدوا