رأى في نومه حلما يدل على أنه سيكون له ولدان عالمان ، فاستبشر محمد مأمون بهذه الرؤيا وعاد إلى الأزهر.
وواصل الدراسة حتى كان موضع إعجاب شيوخه ، وأساتذته ، وفي طليعتهم الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده ، والشيخ أبو الفضل الجيزاوي.
وتقدم الشاب الشيخ محمد مأمون لامتحان العالمية ، ولكنه كان قد سبقته وشايات بعض الطلاب إلى أساتذته ، بأنه يتناولهم بالنقد ، وأنه شاعر ، إلى غير ذلك ، فأخذ أعضاء اللجنة يتحدونه وهو يتحداهم .. وكان الشيخ أبو الفضل الجيزاوي أحد الأعضاء ، ولكنه لم يكن يعرف شيئا عن الوشايات التي بلغت زملاءه ، ورأى هذا العالم الصغير الشاب جديرا بلقب «عالم» ، بل مثالا لإخوانه في سلامة الفهم وسعة المحصول العلمي ، فدافع عنه ونال شهادة العالمية عام ١٩٠٦ .. ومما يذكر أنه وهو يتأهب لامتحان العالمية أصابه إجهاد شديد من كثرة المذاكرة ، فذهب إلى عالم صالح من أولياء الله ، يستفتيه في أمره ، فبشره هذا الولي بأنه سيكون عالما فاضلا فقاضيا عادلا ، فإماما نبيلا ، فرئيسا جليلا ، فشيخا كبيرا .. وتحققت النبوءة على مر الأيام.
ـ ٣ ـ
وعين مدرسا بمعهد الاسكندرية الديني ، بعد تخرجه من الأزهر. ثم اختير عام ١٩١٧ قاضيا شرعيا بعد أن طارت شهرته ، وذاع صيته ، وضرب أحسن الأمثال في جلال الخلق ، وسعة الأفق ، وطول الباع في الإلمام بأسرار علوم الشريعة والدين.
واختير محمد مأمون الشناوي إماما (للسراي) ، ثقة بعلمه وخلقه ودينه وفضله ، فكان موضع التقدير والإجلال من الجميع.
وفي عام ١٩٣٠ صدر قانون تنظيم الجامع الأزهر والمعاهد الدينية في عهد شيخه الشيخ الأحمدي الظواهري ؛ وأنشئت الكليات الأزهرية الثلاث : الشريعة واللغة وأصول الدين ، على نظام جامعي راق ، فاختير ثلاثة من كبار رجال الدين