ويتقبل الحكم متى لاحت بجانبه حكمة ، ويثق بالرواية ، بعد أن يسلمها النقد إلى صدق الغاية ...
ومن رأيه أن على العلماء قول كلمة الحق لأهل الحل والعقد دائما ، وعدم التوقف عنها.
«لا ينبغي لأهل العلم أن يغفلوا عن سير أرباب المناصب والولايات ، فمن واجبهم أن يكونوا على بينة من أمرهم ، حتى إذا أبصروا عوجا نصحوا لهم بأن يستقيموا ، أو رأوا حقا مهما لفتوا إليه أنظارهم ، وأعانوا على إقامته.
ومن أدب العلماء أن ينصحوا للأمة فيما يقولون أو يفعلون ، ويحتملوا ما ينالهم في سبيل النصيحة من مكروه ، وكم من عالم قام في وجه الباطل فأوذي فتجلد للأذى».
وقد كانت حياة الخضر حسين رمزا على هذا المعنى ، معنى طلب الحرية والهجرة من بيئة الظلم ، فقد فر من تونس ومن الشام ومن تركيا ، وكان فراره ليحتفظ لنفسه بحقه في الكلمة ، يقول : «نشأت في بلدة من بلاد الجريد بالقطر التونسي يقال لها «نقطة» وكان للأدب المنظوم والمنثور في هذه البلدة نفحات تهب من مجالس علمائها ، كان حولي من أقاربي وغيرهم من يقول الشعر ، فتذوقت الأدب من أولى نشأتي. وحاولت وأنا في سن الثانية عشرة نظم الشعر. وفي هذا العهد انتقلت أسرتي إلى مدينة تونس ، والتحقت بطلاب العلم بجامع الزيتونة «وكان ذلك عام ١٨٩٩ ، أحب أستاذه الشيخ سالم أبو حاجب الذي كان يحثه على البحث» ، ويلاقي السؤال المهم بابتهاج ، ويدعو للطالب بالتفتح يقول : «كان يقول الشعر مع كونه يغوص على المسائل العلمية بفكر ثاقب» وكان الشيخ أبو سالم قد رفض وسام السلطان ووسام الباى ، فأحب منه الشيخ الخضر هذا الاعتداد بالنفس ، «بعد أن نلت درجة العالمية أنشأت مجلة علمية أدبية ، وهي أول مجلة أنشئت بالمغرب ، فأنكر على ، بعض الشيوخ ، وظن أنها تفتح باب