الإقليم الذي نشأت فيه ، وإلى الأمل الذي تنتسب إليه» ... «أما شخصيتها المعنوية فهي ترجع إلى روابطها القلبية والعقلية والشعورية ، وعلى قدر ما يكون لها من التأثر بتلك الروابط المتفاعلة والحرص عليها وعلى معارفها التي تكونها ، وعلى الإيمان بمصدر تلك المعارف ... يكون لها بين الأمم من آثار الوجود المعنوي».
وكتب عن الصلاة في فصل من فصول «الإسلام عقيدة وشريعة» ، فقال عنها : «إنها العنصر الثاني من عناصر الشخصية الإيمانية».
وعلى هذه الوتيرة كانت كلمة «الشخصية» تتردد في أحاديثه للدلالة على قوام كل «وجود» حتى يتميز به عقل الإنسان وضميره في حياته الروحية ، وهي لمحة من لمحات التعبير الباطني تدل على معناها وتدل مع هذا المعنى على مقدار شعوره بكرامة الشخصية واقترانها بحق الإنسان وواجبه وبالتبعة التي تناط بها الحقوق والواجبات ، وتقرر له موقفه من الشخصيات الإنسانية الأخرى في إبداء الرأي والاضطلاع بأعباء الدعوة والإقناع.
هذه واحدة من خصال العقل المجتهد ، بل هي أولى تلك الخصال في كل ترتيب لكفايات المجتهدين. من كان له رأي وعلم ولم يكن له نصيبه الأوفي من هذه الخصلة فلا سبيل له إلى الاجتهاد ، لأنه يلقى العائق الأول عن أداء وظيفة الاجتهاد من قبل نفسه ، ويحجم عن العمل في سبيله قبل أن يصده غيره عن تلك السبيل.
وتلك هي الخصلة التي توافرت للأئمة الأسبقين من أصحاب الرأي والقياس في الشريعة ، وبفضل الثقة التي كانت تملأ نفوسهم ، من هذه الخصلة كانوا يقولون لمن يستكثر عليهم التعقيب على أهل العلم من الصحابة والتابعين : إنهم رجال ونحن رجال.
وإذا اجتمع الاجتهاد في كلمات معدودات صح أن يقال إنه هو القدرة على الرجوع إلى روح القرآن الكريم ، أو أنه بعبارة أخرى تفسير