وثنائهم ، حتى إن أحدهم قال له : لست أظن أن عالما زار فرنسا أكثر إلماما باللغة العربية منك.
وعاد الشيخ إلى مصر. فوجد شهرته العلمية قد سبقته ، فنهض بتدريس الأدب المقارن لطلبة كلية اللغة العربية بالأزهر ، وبتدريس النحو بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية. وما زال يتدرج في وظائف التدريس حتى صار عميدا لكلية اللغة العربية إلى أن أحيل إلى التقاعد.
وحينئذ لم يركن إلى ما يركن إليه بعض المتقاعدين ، بل انكب على البحث والدرس في مكتبته الخاصة ، نحو عشر سنوات ، إلى أن اختارته الدولة إماما أكبر للأزهر الشريف سنة ١٩٦٩ م ، ثم انتخبه مجمع اللغة العربية عضوا به واحتفل باستقباله في ١٢ من صفر سنة ١٣٩٢ ه (٢٧ من مارس سنة ١٩٧٢ م).
وشاء الله سبحانه وتعالى أن يرتبط الفقيد بالعالم العربي والإسلامي ارتباطا فكريا وعمليا فقام برحلات متعددة إلى كثير من الأقطار.
زار لبنان ، ومثل الأزهر في مؤتمر ثقافي سنة ١٩٤٧ ، وسافر إلى نيجيريا موفدا من الأزهر لدراسة أحوال المسلمين بها ، واقتراح حلول لمشكلاتهم ، وقضى هنالك خمسة أشهر ، ولم يثنه عن السفر ما زعمه له بعض المبشرين المسيحيين الذين زاروا نيجيريا من قبل أنها مقبرة الرجل الأبيض ، بل خرج من داره يتلو قول الله تعالى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)».
وكانت رحلته ذات آثار طيبة ، إذ اختار بعض أبناء نيجيريا ليتعلموا بالأزهر ، وتخير طائفة من علماء الأزهر ليدرسوا هنالك ، ولم تلبث نيجيريا أن حفلت بعدة مدارس وبكثير من المعلمين العرب والقضاة العرب.
وبعد ذلك سافر إلى باكستان ثلاث مرات اتصل فيها بكثير من علمائها ، وزار كثيرا من مدارسها ومعاهدها ومكتباتها.
ثم اتجه إلى موريتانيا ، وأسهم في إنشاء مكتبة إسلامية كبيرة بها وشارك في مناقشات إسلامية ، منحوه بعدها وثيقة مواطن موريتاني.