ولقد عالجت هذه الجامعة الكبرى علوم الدين ، فيسرت سبلها ، وأكثرت كتبها واهتمت بشؤون اللغة العربية ، فهذبت طرقها ، وأصلحت شأنها ، وبقيت على مدى الأجيال والقرون قائمة بعملها ، مضطلعة بمهمتها ، حتى نبه ذكرها وذاع صيتها ، وأمّها الطلاب من كل فج ، ليغترفوا من منهلها ، ويستضيئوا بنورها ، وانحدر اليها العلماء من كل صوب ، ليسهموا في النفع بها ، ونشر آثارها ، فازدهرت فيها أنواع العلوم والفنون ، وأمدت العالم الإسلامي بما هو في حاجة إليه.
ولقد كان الأزهر الشريف منذ نشأته موضع عناية الخلفاء الفاطميين : يتعهدونه بالعناية والرعاية ، ويغدقون على من به من العلماء والطلبة العطايا والهبات ، ويذهبون إليه بأنفسهم للصلاة والوقوف على حاله ، مما كان له الأثر البالغ في حفز همم الشيوخ والطلبة إلى التفرغ للعلم.