يصلون ، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ولا هم عنها يدفعون ، يخمس في التكبير على الجنائز المخمسون ، ولا يمنع من التكبير عليها المربعون ، يؤذن بحي على خير العمل المؤذنون ولا يؤذى من بها لا يؤذنون ، لا يسب أحد من السلف ولا يحتسب على الواصف فيهم بما يوصف والخالف فيهم بما خلف ، لكل مسلم مجتهد في دينه اجتهاده ، وإلى الله ربه ميعاده ، وعنده كتابه وعليه حسابه. ليكن عباد الله على مثل هذا عملكم منذ اليوم ، لا يستعلى مسلم على مسلم بما اعتقده ، ولا يعترض معترض على صاحبه فيما اعتمد ، من جميع ما نصه أمير المؤمنين في سجله هذا ، وبعده قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١).
وكانت الدراسة في دار الحكمة ذاتها وهي الجامعة الفاطمية المذهبية حرة تدرس فيها علوم السنة إلى جانب علوم الشيعة ، وقد تحررت كثيرا من صبغتها المذهبية حينما أعيدت بعد إغلاقها في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله ، فمن الواضح إذا أن الدراسة بالأزهر كانت حتى في الوقت الذي يشتد فيه تيار الدعوة المذهبية تحظى دائما بقسط من الحرية يزيد أو ينقص وفقا للظروف والأحوال. وكانت دار الحكمة تستأثر بعد ذلك بتدريس العلوم الدينية. بيد أن هذه الصبغة المذهبية خفت وطأتها .. وأخذ الأزهر بنصيبه من العلوم بجانب الدين.
هذا وأما عن الكتب الدراسية التي كانت تدرس بالأزهر في العصر الفاطمي ، فليس لدينا أيضا سوى إشارات موجزة جدا وأول كتاب درس بالأزهر هو كتاب «الاقتصار» الذي وضعه أبو حنيفة النعمان بن محمد القيرواني قاضي المعز لدين الله في فقه آل البيت ، وكان يتولى قراءته وتدريسه بالأزهر ولده أبو الحسين علي بن النعمان كما قدمنا. واستمر في
__________________
(١) راجع نص هذا المرسوم بأكمله في ابن خلدون ج ٤ ص ٦٠