وأوقف على ذلك أوقافا جليلة. وفي سنة ٨٨١ ه في عهد الملك الأشرف قايتباي أمر السلطان بإزالة الخلوات التي كانت بسطح الأزهر وفقا لفتوى صدرت بذلك ، ورسم بتجديد الجامع وعمارة ما تشعث منه ، وأمر بإنشاء المنارة الواقعة في الجهة البحرية الغربية إلى يمين المدرسة الأقبغاوية والباب الذي تعلوه ، حسبما نقش على أحجار هذا الباب ، وتمتاز هذه المنارة برشاقتها وزخارفها الجميلة. وفي أواخر عهد الأشرف أيضا ، قام الخواجا مصطفى بن محمود بن رستم الرومي بعمارة الجامع الأزهر وتجديده ، وأنفق عليه من أمواله جملة كبيرة ، وانتهت هذه العمارة في سنة ٩٠٠ ه. وأنشأ السلطان الغوري بالأزهر منارته الجميلة ذات الرأسين التي ما زالت قائمة إلى الآن في الجهة الغربية إلى جانب منارة الأشرف قايتباي.
وفي أثناء العهد التركي قام عدة من الولاة والأكابر بتجديد الأزهر ، فجدده في سنة ١٠٠٤ ه الشريف محمد باشا والي مصر ورتب به أطعمة للفقراء. وعمر به الوزير حسن باشا الوالي مقام الحنفية في سنة ١٠١٤ ه ، ثم جدده الأمير إسماعيل بك ابن الأمير إيواظ بك القاسمي في أوائل القرن الثاني عشر. على أن أعظم عمارة أجريت بالجامع الأزهر في ذلك العهد هي التي قام بها الأمير عبد الرحمن كتخدا القازدغلى في أواخر القرن الثاني عشر ، فقد أنشأ هذا الأمير الكبير في الناحية الشرقية القبلية من الجامع بهوا كبيرا يشتمل على خمسين عمودا من الرخام تحمل مثلها من البوائك المقوصرة ، وأنشأ للجامع محرابا ومنبرا جديدين ، وبنى في أعلاه مكتبا بقناطر معقودة على أعمدة من الرخام لتعليم الأيتام من أطفال المسلمين القرآن ، وأنشأ أيضا بداخله رحبة متسعة وصهريجا عظيما ، وأنشأ له داخل هذه الرحبة مدفنا عليه قبة معقودة ، كما أنشأ بتلك الجهة رواقا خاصا بطلاب الصعيد ، وجدد المدرسة الطيبرسية وجعلها هي والمدرسة الأقبغاوية داخل الجامع ، وأنشأ فيما بينهما بابا عظيما بالهيئة التي نراها اليوم. وأنشأ للجامع منارتين جديدتين ، وتقع إحداها في الجهة