ولما سقطت بغداد عام ٦٥٦ ه ـ ١٢٥٨ م في أيدي التتار ، وزحفوا نحو مصر ، التقى بهم «قطز» في «عين جالوت» بفلسطين ثم في «بيسان» وهزمهم هزيمة ساحقة ، وكان الفضل في ذلك لقائده «الأمير ركن الدين بيبرس» ، وفي عودتهم إلى مصر قتل «بيبرس» السلطان «قطز» (١) وتولى مكانه حكم البلاد.
تقلد السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري حكم مصر (٦٥٨ ـ ٦٧٦ ه : ١٢٦٠ ـ ١٢٧٧ م) وكان أشهر سلاطين المماليك البحرية ، وقد نظم أمور الدولة والجيش ، وأنشأ الأساطيل ، وعني بتحصين الشام .. ولكي يعزز زعامته للإسلام دعا إلى مصر أحد أولاد الخلفاء العباسيين الذين فروا من وجه التتار من بغداد ، وبايعه بالخلافة ولقبه بالمستنصر ، واستمد سلطة الملك منه نائبا عنه عام ٦٥٩ ه ـ ١٢٦١ م (٢) ، وكان أول من بايع الخليفة العباسي شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام (٣) ، وقد ذهب الخليفة لمحاربة التتار على رأس جيش مصري فقتل قرب دمشق عام ٦٦٠ ه فتولى بعده لقب الخلافة العباسية في مصر الخليفة العباسي أبو العباس أحمد ولقب الحاكم بأمر الله (٤).
وكان للسلطان «الظاهر بيبرس» أعمال حربية ، وإصلاحات داخلية ، محمودة وفي أيامه طيف بالمحمل وبكسوة الكعبة المشرفة بالقاهرة عام ٦٧٥ ه ، وهو أول من فعل ذلك بالديار المصرية.
__________________
(١) كان قطز في أول ولايته قد عزم على فرض ضرائب جديدة على المصريين لينفقها على الجيش الذي سيوجهه إلى حرب التتار ، فجمع العلماء لذلك ، فحضر الشيخ عز الدين بن عبد السلام وصاح : لا يجوز أن يؤخذ شيء من الرعية حتى لا يبقى في بيت المال شيء وتبيعون مالكم من الحوائص في الآلات ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه ويتساووا في ذلك هم والعامة ، وأما أموال العامة مع بقاء ما في أيدي الجندي من الأموال والآلات الفاخرة فلا (٣٦ ج ٢ حسن المحاضرة)
(٢) راجع صفحة ٤٠ وما بعدها ج ٢ من كتاب «حسن المحاضرة» للسيوطي
(٣) ٤٤ ج ٢ حسن المحاضرة.
(٤) ٤٧ ج ٢ حسن المحاضرة