وبعد وفاة بيبرس خلفه ولدان له أحدهما بعد الآخر ولم تطل مدتهما ، وانتهى الأمر بتولي السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي (٦٧٨ ـ ٦٨٩ ه : ١٢٧٩ ـ ١٢٩٠ م) ، فبقي الملك في بيته أكثر من مائة سنة ، وساد في عهده العدل والسكينة.
وخلفه ابنه الأشرف خليل وكان شجاعا مقداما مظفرا عادلا ، فقتل بعد ثلاث سنوات ، ومما يذكر أنه هو الذي قضى على إمارات الصليبيين بالشام.
وخلفه أخوه الملك الناصر محمد بن قلاوون (٦٩٣ ـ ٧٤١ ه : ١٢٩٣ ـ ١٣٤١ م) ، وقد هزم التتار قرب دمشق عام ٧٠٢ ه ـ ١٣٠٣ ه هزيمة ساحقة اثناء محاولتهم التقدم لفتح مصر ، وعني الناصر بشؤون بلاده الداخلية ونشر العلوم والمعارف ، وشيد المباني الفخمة ، وتوفي الخليفة العباسي الحاكم بأمر الله في عهده عام ٧٠١ ه ، ودفن بجوار السيدة نفيسة في قبة بنيت له ، وهو أول خليفة مات بمصر من بني العباس ، وولي الخلافة بعده ابنه أبو الربيع سليمان ولقب المستكفي بالله وخطب له على المنابر في مصر والشام (١) ، ولم يكن السلطان قد أمضى عهد والده له بالخلافة حتى سأل الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد قاضي القضاة بمصر يومئذ : هل يصلح للخلافة أو لا؟ فقال الشيخ : نعم يصلح ، فلما أشار الشيخ باستخلافه أمضى عهد والده له (١) ومات ، في شعبان سنة ٧٤٠ ه في قوص ودفن بها ، وتولى بعده الخلافة الواثق بالله رغم معارضة قاضي القضاة عز الدين بن جماعة ، ومات الناصر عام ٧٤١ ه (١٣٤١ م) ، ولم يترك خلفا يقدر على القيام بعبء الملك بعده ، ومن أبنائه السلطان حسن الذي بنى المدرسة العظيمة التي لم يخلف السلطان أعظم منها بناء ولا أتقن صناعة ، وهي المشهورة الآن بجامع السلطان حسن بجوار قلعة القاهرة ، وانتهى الامر بانقراض هذه الدولة
__________________
(١) ٤٩ ج ٢ حسن المحاضرة