(٢)
* لقد حفل الحرم النبوي الشريف في القرن الثاني عشر الهجري بحلقاته العلمية المتعددة ، ومن هذه الحلقات ما كان مختصا بعلوم اللغة والأدب ، مثل حلقة الشيخ محمد بن محمد الطيب الفاسي الذي كان تلميذا من تلامذة الشيخ محمد أبي الطاهر الكوراني الذي مررنا على ذكره في الحلقة الأولى من هذه الدراسة. لقد كان الفاسي كما يصفه مؤلف كتاب تراجم أعيان المدينة في القرن الثاني عشر الهجري ، إماما في اللغة العربية في وقته. محققا. فاضلا ، متضلعا في كثير من العلوم ، ولعل قائمة أسماء مؤلفاته تؤيد هذا القول الذي ذهب إليه مؤلف كتاب التراجم ، وللشيخ الطيب شرح على معجم «القاموس» للفيروزآبادي وشرح نظم الفصيح ، وشرح كافية ابن مالك ، وشرح شواهد الكشاف للزمخشري.
كما حفل بحلقات أخرى كانت مختصة بالحديث وعلومه ، ومنها حلقة الشيخ محمد حياة السندي. الذي تلقى علومه من مشايخ عدة يأتي في مقدمتهم الشيخ أبي الحسن بن عبد الهادي السندي ، والشيخ محمد أبي الطاهر الكوراني ثم تصدى للتدريس بعد وفاة شيخه السندي واستمر يؤدي رسالة التدريس في حرم الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأكثر من عشرين سنة. وأثمرت هذه السنون عن تأليفه لكتب هامة ؛ شرح الترهيب والترغيب ومختصر الزواجر لابن حجر وشرح الأربعين النووية المعروف باسم تحفة المحبين في شرح الأربعين. ولعله من المفيد أن ننقل هنا عبارات الدكتور عبد الله العثيمين في كتابه : «الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره» عن الشيخ محمد حياة السندي ، أما محمد حياة السندي فكان حجة في الحديث وعلومه وصاحب مؤلفات مشهورة في هذا الحقل. وكان أستاذا لعدد من الطلاب الذين أصبح بعضهم دعاة إصلاح أو شخصيات علمية مشهورة في مناطق إسلامية عديدة. ويؤكد الدكتور ابن عثيمين أثر الشيخين محمد بن حياة السندي ، والشيخ عبد الله بن سيف ، على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهالله ـ لا بالنسبة لتحصيله العلمي فقط وإنما بالنسبة لاتجاهه