باشا ، وهكذا قبلت باستلام الرزمة ووضعتها مع بقية الاغراض. وفي اليوم السابق لوصولنا الى العمارة ، ضممت الصرة في مكان اخر! لو عثر رجال الكمرك عليها لوضعوا اليد عليها من كل بد ... ان وجود هذه الرزمة معي كان يقلقني ، فلو عادوا الى التفتيش فقد يعثرون عليها. وهكذا اخذت افكر بالخطر المحدق بنا ، وبحالتنا التعيسة في ذلك الوسط الغريب ، ثم وجدت حلا قد يخلصني من ورطتي وذلك بتقديم خمس قطع من فئة العباسي الى رئيس البلدة «على سبيل الرشوة طبعا!» فامر رجال الكمرك بتخفيض الرسوم والاكتفاء بثلاثين قطعة عباسية (الى جانب ما دفعناه سابقا!) فقبلوا بالاقتراح فدفعت المبلغ اليهم للحال. ثم طلبوا سبع قطع عباسية اخرى للكاتب ، وقطعتين للمرافق ، فظهر لي ان طلباتهم لن تنتهي ، وفي هذه الاثناء امتطيت حصاني وركب رفاقي ايضا ، فاسرعنا في السير. وعند وصولنا الى النهر دفعنا من جديد ضريبة اخرى سبع قطع عباسية ... ثم رأينا شابا من رجال الكمرك يركض في اثرنا ، لقد كان يطلب بوقاحة ظاهرة شيئا من المال ، فتابعنا السير دون ان نعبأ به ، اما هو فحاول قطع الطريق علينا ، فاسرعنا في السير وبعد ان ابتعدنا قليلا التفتنا الى الوراء فرأيناه يلحق بنا ، ففتحنا النار واطلقنا بعض العيارات في الهواء ، فرجع على عقبيه ، واطلق ساقيه للريح ، وعندما رأينا انفسنا بامان نزلنا عن خيولنا لنستريح ، لاننا لم نذق طعم النوم منذ اربع ليال او خمس ، وتناوبنا فترات الحراسة اثناء النوم خوفا من الاعراب ...
وصلنا الى بقعة رملية بيضاء ، تحدها من جهة غابة صغيرة ومن الجهة الاخرى اعني وراءنا النهر ، فذهب المكاريون الى شاطىء النهر ليستريحوا ، اما نحن فقد انزلنا الاحمال عن الخيل ، وكان ظلام الليل دامسا ولا اثر لضوء القمر ، وبالرغم من ذلك فقد اكتشفنا وجود رجال يقدر عددهم بخمسة وعشرين شخصا ، مسلحين بالحراب والسيوف ويحمل بعضهم الدروع والمقاصل «الطبر؟». فاخذنا نصرخ دون انقطاع «رح ، رح» معتقدين ان صراخنا يؤثر فيهم او يخيفهم ، ثم فكرنا بان نطلق بعض العيارات النارية ، وكانوا هم ايضا يصرخون ، لكننا لم نفهم معنى صراخاتهم. ثم اخذ المكاريون الذين معنا