ان ارحل حالا ، فاعدت الترجمان ، واسمه يوسف ، الى البصرة ، وقد فرح بما اعطيته مجازاة له على مرافقتنا ، وسلمت صرة الالماس العائدة الى اليهودي الحلبي الى وكيله ، فشكرني واثنى علي ، واخذت رسائل عديدة الى حلب فيها توصيات بحقي ، ثم اكتريت اربعة خيول ، واتفقت مع جندي انكشاري يرافقني في سفري لقاء اجر قدره ٩٠ قرشا ، وتعهد الرجل بانه سيخلصني من دفع الضرائب.
اما الاب كوتبغريدو فقد استولى عليه الضعف فتدهورت حالته الصحية ، ولم يكن بمقدوره متابعة السفر ، لذلك تركته في بغداد برعاية الاباء المذكورين كي يتعالج ، حتى اذا ما تحسنت صحته يلحقني الى حلب ...
بعد ثلاثة ايام من وصولنا الى بغداد ، تركتها مع رفاقي الاخرين ، ولم ندفع رسوما عند باب المدينة ، وذلك بفضل الصوباشي ، لانه كان سخيا جدا في ما لا يخصه شخصيا ، وقد غضب حراس الباب من جراء ذلك.
توقفنا خلال الليل على بعد ثلاثة اميال من المدينة. وكنا نعتقد ان عبد الله احد اخوة القس الياس يعرف الايطاليا ، كما قيل لنا ، فخاب ظننا لانه عند الاختبار ظهر لي ان ما يحسنه منها لا يزيد عن كلمتين ، فحزنت في اول الامر ، لكننا اكملنا سيرنا ، وكان يتعلم بعض الكلمات بحيث اخذ يساعدنا عند الحاجة ...
التقينا في الطريق بعدد كبير من الجنود الانكشاريين وهم في طريقهم الى اسطنبول ليلتحقوا بالجيش الذي كان يحارب هنغاريا (المجر) (١) ...
في اليوم الثالث عشر نصبنا الخيام قرب سور الموصل. وكنا قد مررنا في طريقنا بتكريت والتقينا هناك باحد اقرباء سليمان البنا ـ الذي مر ذكره ـ فاكرم الرجل وفادتنا ... ومن تكريت اكملنا سيرنا الى هذه المدينة مع اميرها (اعني شيخ او امير تكريت) الذي كان في طريقه لاستقبال وإلى بغداد الجديد (٢).
__________________
(١) راجع بخصوص هذه الحروب : Von Hammer : op.cit.,vol.١١ ,p.٥٣١ ss.
(٢) هو اوزون ابراهيم باشا (ابراهيم باشا الطويل).