وفي اليوم التالي وصلنا الى قومجصار (١) Coccessar ، وهي مدينة كبيرة قائمة في السهل ، في الجهة المقابلة لماردين. هناك يرى الزائر اربعة اديرة كبيرة لكنها متهدمة ، وتستخدم الان كمساجد وقد احتفل المسلمون هنا بحلول نهاية رمضان (عيد الفطر) فاخذوا يلعبون ويتسابقون ويرمون الرماح الطويلة وهم يطاردون الريح على خيولهم ، ثم يتناولون الرماح من الارض وهم راكضين.
مكثنا هناك يومين ، اذ كنا ننتظر بغالا محملة بالبضائع متجهة الى ماردين ، وحدث في تلك الاثناء ان مات تحت انظارنا احد افراد القافلة ، وكان ارمنيا ، لكننا لم نكتشف نصرانيته الا وبعد وفاته ...
اتفقت مع احد المسافرين ، وكان ارمنيا ، ان نسافر سوية الى بغداد بواسطة النهر وذلك بعد ان نبلغ الموصل ، واسم الارمني اراكيل (٢) Arachel وهو من قرية جلوسانوفا (؟) Ciolsanova وكان شابا طري العود ، غنيا ، وكان يقصد اغره Agra في الهند (٣) يرافقه رجل ارمني اخر ، حلبي الموطن يدعى مرادAmurat كان يطيب له ان يسير برفقتنا ، وفي كثير من الاحيان كان يترك خيمته ليأتي عندنا ويحاول التحدث معنا ، اذ كان يرغب في تعلم اللغة الايطالية تكلما وقراءة ، وقد اظهر اجتهادا ملحوظا واستفاد من اختلاطه معنا ...
كانت المحطة التالية قره دره Caradera (٤) ومن ثم نصيبين Nisibi وموقع هذه المدينة جميل ، هناك رأينا كنيسة للارمن جميلة البناء ، فيها ضريح
__________________
(١) قوج حصار ذكرها الحموي في معجم البلدان ٢ / ٦١٢ قال «.. من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان ..»
(٢) الاسم ارمني تفسيره (المبعوث» ، ولا يزال الارمن يتخذونه اسما.
(٣) مدينة في الهند على نهر جمنة معروفة بثقافتها الاسلامية ، فيها جامع تاج محل الشهير.
(٤) هكذا وردت التسمية في «نشوة المدام في العودة الى مدينة السلام» لابي الثناء شهاب الدين محمود الالوسي ص ١١ (بغداد ١٢٩٣).