قحطبة فقال (١) : يا أمير المؤمنين ما تنتظر بالفتى المقتبل المبارك؟ جدد له البيعة ، فما أحد يمتنع ممن (٢) وراء هذا الباب ومن أبى فهذا سيفي.
وبلغ الخبر عيسى بن موسى فقال : والله لئن ظفرت به لأشرب البارد ، وبلغ الحسن بن قحطبة الخبر والمنصور ، فدخل الحسن بن قحطبة على المنصور وعنده عيسى بن موسى فتمثل المنصور بقول جرير :
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا |
|
أبشر بطول سلامة يا مربع (٣) |
فتمثل الحسن بن قحطبة بقول جرير (٤) :
إذا اجتمعوا عليّ فخلّ عنهم |
|
وعن باز يصكّ حباريات |
قال : مربع : رجل من بني جعفر بن كلاب ، كان يروي شعر جرير ، فنذر الفرزدق دمه ، فقال جرير (٥) :
إنّ الفرزدق قد تبيّن لؤمه |
|
حيث التقى حششاؤه والأخدع (٦) |
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا أبو الحسن العتيقي.
فلما خلع المنصور عيسى بن موسى مرّ في موكب ، فقال إنسان : من هذا؟ فسمعه مخنّث ، فقال : هذا الذي أراد أن يكون غدا فصار بعد غد.
قال القاضي :
وقد روينا في خبر آخر : أن عيسى بن موسى قال لمخنث يتهدده : أما تعرفني؟ فقال : بلى ، أنت الذي كنت غدا فصرت بعد غد.
__________________
(١) وذلك حين همّ المنصور بالبيعة للمهدي أبي عبد الله ، فدخل عليه الحسن بن قحطبة. كما في الجليس الصالح.
والحسن بن قحطبة هذا ، من كبار قواد الدولة العباسية.
(٢) الأصل : من.
(٣) البيت من قصيدة طويلة يهجو الفرزدق ، في ديوانه ط بيروت ص ٢٦١ ومربع : راوية شعر جرير ، واسمه وعوعة ، ومربع لقب ، راجع (اللسان : ربع).
(٤) من قصيدة في ديوانه بعنوان : إذا طرب الحمام ص ٦٦.
(٥) ديوانه ص ٢٦١.
(٦) صحفت بالأصل إلى : «خششاؤه والاجدع» والمثبت عن الديوان والجليس الصالح. والأخدع : أحد عرقين في جانبي العنق ، وهما أخدعان.