العزيز قال : قرئ على أبي بكر الختّلي ، أنبأنا الفضل بن الحباب ، حدّثنا محمّد بن سلّام قال (١) : وحدّثني أبو الغرّاف قال :
دخل ذو الرّمّة على بلال بن أبي بردة ـ وكان بلال راوية فصيحا أديبا ـ فأنشد بلال أبيات حاتم طيّى (٢) :
لحا الله صعلوكا مناه وهمّه |
|
من الدهر (٣) أن يلقى لبوسا ومطعما |
يرى الخمس (٤) تعذيبا وإن نال شبعة |
|
يبت قلبه من قلة (٥) الهمّ مبهما |
فقال ذو الرّمّة : ترى الخمص تعذيبا ، وإنّما الخمس للإبل ، وإنّما هو خمص البطون ، فحسد بلال ـ وكان محكا ـ.
وقال : هكذا أنشدنيهما رواة طيئ فردّ عليه ذو الرّمّة فضحك ، ودخل أبو عمرو بن العلاء فقال له بلال : كيف تنشدهما؟ (٦) وعرف أبو عمرو الذي به فقال : كلا الوجهين (٧) ، فقال : أتأخذون عن ذي الرّمّة؟ قال : إنّه لفصيح ، وإنّا لنأخذ عنه بتمريض ، وخرجا من عنده ، فقال ذو الرّمّة لأبي عمرو : والله لو لا أنّي أعلمك خطبت في حبله وقلت (٨) في هواه لهجوتك هجاء لا يقعد إليك اثنان.
قال : وأنبأنا ابن سلّام (٩) ، أخبرني أبو يحيى الضّبّي قال : قال ذو الرّمّة يوما : لقد قلت أبياتا : إنّ لها لعروضا ، وإنّ لها لمرادا ومعنى بعيدا ، قال له الفرزدق : وما هيه؟ قال : قلت (١٠) :
أحين أعاذت بي تميم نساءها (١١) |
|
وجرّدت تجريد اليماني (١٢) من الغمد |
__________________
(١) الخبر والشعر في طبقات الشعراء ص ١٧٣ والأغاني ١٨ / ٣٢.
(٢) البيتان في ديوان حاتم طيئ ط بيروت ص ٨٢.
(٣) في الديوان والمصادر : العيش.
(٤) الديوان : الخمص.
(٥) في الأغاني : من شدة الهم.
(٦) الأصل : تنشدها ، والمثبت عن ابن سلام والأغاني.
(٧) كذا بالأصل ، وابن سلام والمختصر ، وفي الأغاني : كلا الوجهين جائز.
(٨) الحرف الأول غير واضح بالأصل ، وفي الأغاني : «وملت» والمثبت عن ابن سلام والمختصر.
(٩) الخبر والشعر في طبقات الشعراء ص ١٧٠ والأغاني ١٨ / ١٦.
(١٠) الأبيات أيضا في ديوان ذي الرملة ص ١٤٢.
(١١) الأصل : «بني تميم نساؤها» والمثبت عن الديوان وابن سلام.
(١٢) الأصل : «اليمان» ، والمثبت عن ابن سلام والأغاني ، وفي الديوان : الحسام.