أخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن أبي الحديد ـ فيما أرى ـ أنبأنا جدي أبو عبد الله ، أنبأنا أبو الوليد الحسن بن محمّد بن علي بن محمّد البلخي ثم الدّربندي الحافظ ، قدم علينا ، أنبأنا أبو علي الحسن أحمد بن إبراهيم ، أنبأنا محمّد بن الحسن بن مقسم ـ إجازة ـ حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال : ـ قال من كناسة ـ قال أبو بكر بن عياش :
كنت إذ أنا شاب إذا أصابتني مصيبة تصبّرت ، وكان ذلك يبرئ بدني جميعا ، حتى رأيت بالكناسة (١) أعرابيا ينشد وقد اجتمع الناس عليه ويقول (٢) :
خليليّ عوجا من صدور الرّواحل |
|
بجمهور حزوى (٣) فابكيا في المنازل |
لعلّ انحدار الدّمع يعقب راحة |
|
من الوجد أو يشفي نجيّ البلابل (٤) |
فسألت عنه فقيل هذا ذو الرّمّة ، فأصابني بعد ذلك مصيبات ، فكنت أبكي فأجد له راحة.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي ، أنبأنا أبو منصور عبد المحسن بن محمّد ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن سلامة ، أنبأنا أبو يعقوب يوسف بن يعقوب النّجيرمي ، أنشدنا أبو القاسم جعفر بن شاذان ، عن أبي عمر ، عن تغلب ، عن ابن الأعرابي ، حدّثني أبو بكر بن عياش قال :
كنت إذا فرقت للشيء أمتنع من البكاء حتى سمعت ذا الرّمّة بالكناسة ينشد :
خليليّ عوجا من صدور الرّواحل |
|
بجمهور حزوي فابكيا في المنازل |
لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة |
|
من الوجد أو يشفي نجيّ البلابل |
فصرت إذا حزنت بكيت ، فأجد لذلك راحة عظيمة كما قال ذو الرّمّة.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، ونقلته من خطه ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أخبرني أبو الفتح إبراهيم بن علي بن الحسين بن سيبخت ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا محمّد بن يونس الكديمي ، حدّثنا علي بن عاصم ، حدّثنا أبي قال :
__________________
(١) الكناسة : محلة بالكوفة (معجم البلدان).
(٢) البيتان في ديوان ذي الرمة ص ٤٩١ و ٤٩٢ ومعجم البلدان (حزوى).
(٣) حزوى : بضم أوله وتسكين ثانيه ، مقصور. من رمال الدهناء (معجم البلدان).
(٤) النجيّ : ما تحدث به نفسك ، والبلابل : الهموم في الصدور (ديوان ذي الرمة).