قال الحريس بن تميم : مررت بذي الرّمّة وهو مضطجع متوسّدا بردا له ، وهو يخطط في الرمل ، وإذا هو يقول : هاه ، هاه ، كان كان ، فقلت له : يا أبا الحارث ما هاه؟ وما كان؟ فقال :
كلّ ذناها وقد طاب الرقاد لها |
|
ماء السحاب بماء المزن ممزوج |
فقلت : ما هاه؟ فقال : على ما ذكرت ، ثم ضحك وأنشأ يقول :
يا ميّ طاب بك النعيم فلا أرى |
|
في الناس مثلك يطرق الأحلاما |
فقلت : يا أبا الحارث ، الناس وأنت في أمر ، فقال : صدقت ، ذكرت ودودا وأنسيت حسودا ، وهتف بمحبوب فهل على محب في غير ريبة بأس ، فقلت له : لا إن شاء الله.
أخبرنا أبو الحسن بن العلّاف في كتابه ، وأخبرني أبو المعمّر الأنصاري عنه.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو الحسن بن العلّاف ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الكندي ، أنبأنا محمّد بن جعفر الخرائطي ، حدّثنا عمران بن موسى ، عن محمّد بن زياد بن الأعرابي قال : قال عصمة الحاسر (١) : قال لي ذو الرّمّة :
عندك ناقة نزدار (٢) عليها ميّة؟ فقلت : عندي الجؤذر ابنة المهرية ، فزرناميّة ، فإذا الحيّ خلوف ، وإذا بخيمة ناحية من الخيام.
قال : حدّثنا عاصم ، أنشدها ، قال عصمة : وكان ذو الرّمّة إذا أنشد الشعر جش صوته كما يجشّ صوت الغراب البوم فأنشدتها حتى انتهيت إلى هذا البيت (٣) :
فيا لك من خدّ أسيل ومنطق |
|
رخيم ومن خلق تعلّل جادبه |
وقد حلفت بالله ميّة ما الذي |
|
أقول (٤) لها إلّا الذي أنا كاذبه |
إذا فرماني الله من حيث لا أرى |
|
ولا زال في أرضي عدوّ أحاربه |
قالت : ميّة : راقب الله يا ذو الرّمّة متى كذبتك.
__________________
(١) كذا بالأصل ، وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى أن الصواب : الجاسئ.
(٢) ازداره : زاره.
(٣) الأبيات في ديوان ذي الرمة ص ٤٢ و ٤٣.
(٤) الديوان : «أحدثها» بدل «أقول لها».