محمّد بن الحسن بن دريد هذه القصيدة وهو يحكي عنه أنه قال :
ليس في الدنيا من يروي شعر ذي الرمة عن أبي حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن ذي الرمة غيري قال :
قرئ على أبي حاتم سهل بن محمّد بن حاتم السّجستاني اللغوي قال : قرئ على أبي نصر عبد الملك بن قريب الأصمعي قال : قرئ على أبي عمرو بن العلاء المازني النحوي المقرئ عن ذي الرمة ، قال ذو الرمة واسمه غيلان بن عقبة العدوي (١) :
ما بال عينك منها الماء ينسكب |
|
كأنّه من كلّ مفرية سرب |
وفراء غرفية أثأى خوارزها |
|
مشلشل ضيّعته بينها الكتب (٢) |
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرا |
|
أم راجع القلب من أطرابه طرب |
من دمنة نسفت عنها الصّبا سفعا (٣) |
|
كما تنشّر بعد الطيّة الكتب |
سيلا من الدّعص أغشته معارفها (٤) |
|
نكباء تسحب أعلاه فينسحب |
لا بل هو الشوق من دار تخوّنها |
|
صرب (٥) السحاب ومرّا بارح ترب |
تبدو لعينيك منها وهي مزمنة |
|
نؤي ومستوقد بال ومحتطب |
إلى لوائح من أطلال أحوية |
|
كأنّها خلل موشيّة قشب |
بجانب الزّرق (٦) لم يطمس معالمها |
|
دوارج المور والأمطار والحقب (٧) |
ديار ميّة إذ ميّ تساعفنا |
|
ولا يرى مثلها عجم ولا عرب |
برّاقة الجيد واللّبّات واضحة |
|
كأنها ظبية أفضى بها لبب (٨) |
بين النهار وبين الليل من عقد |
|
على جوانبه الأسباط والهدب (٩) |
__________________
(١) القصيدة الأولى في ديوانه.
(٢) وفراء أي واسعة. غرفية أي دبيفة بالغرف ، وهو نبت تدبغ به الجلود. مشلشل هو الذي يكاد يتصل قطره لتتابعه الكتب : الخرز : واحدها كتبة.
(٣) الأصل : «شفعا كأنما تنشر» والمثبت عن الديوان. والسفع الطرائق من الرمل سود وحمر.
(٤) الأصل : معاربها ، والمثبت عن الديوان ، ومعارفها أي معالمها.
(٥) الديوان : مرّا سحاب.
(٦) إعجامها مضطرب بالأصل ، والمثبت عن الديوان ، والزرق : اسم مكان بالدهنا.
(٧) والدوارج : عفّى الرياح ، والمور : التراب.
(٨) الجيد : العنق ، واللبات : موضع القلادة. واللبب : ضرب من الرمل.
(٩) الأسباط : اسم نبت ، والهدب : ورق الأرطى.