غلبني فاضرب رقبتي ، فأحضر الأوزاعي ، فقال له الأوزاعي : يا غيلان إن شئت ألقيت عليك سبعا ، وإن شئت خمسا وإن شئت ثلاثا ، قال : ألق عليّ ثلاثا ، قال : فقال له : قضاء الله على ما نهى عنه ، قال : ما أدري أيش تقول ، قال : وأمر الله بأمر حال دونه ، فقال : هذه أشدّ عليّ من الأول ، قال : فحرّم الله حراما ثم أحلّه ، قال : ما أدري أيش تقول ، قال : فأمر به ، فضربت رقبته.
قال : ثم قال هشام للأوزاعي : يا أبا عمرو فسّر لنا ما قلت ، قال : قضى الله على ما نهى آدم أن يأكل من الشجرة ، ثم قضى عليه فأكل منها ، وأمر إبليس أن يسجد لآدم ، وحال بين إبليس وبين السجود ، وقال : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ)(١) ، وقال : (فَمَنِ اضْطُرَّ)(٢) فأحلّه بعد ما حرّمه.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد ، أنبأنا نصر بن إبراهيم ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله ابن الوليد الأنصاري الأندلسي (٣) ـ قراءة عليه في منزله ـ.
ح وأخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى ، أنبأنا الحافظ أبو عبد الله الحميدي ـ إجازة ـ أنبأنا الشيخ الصالح أبو الحسن عبد الباقي بن فارس بن أحمد المقرئ ـ إملاء في مسجد عمرو بن العاص بمصر ـ قالا : حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن إدريس الرازي الشافعي بمصر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة حدّثنا أبو الحسين ـ وفي حديث نصر الله : أبو الحسن ـ أحمد بن عبد الرّحمن بن أحمد الأنماطي ، حدّثنا أبو إسحاق ـ زاد نصر الله : إبراهيم ابن عبد الله بن ثمامة ـ حدّثنا إبراهيم بن إسحاق ـ وقال المصّيصي : حدّثنا محمّد بن كثير قال (٤) :
كان على عهد هشام بن عبد الملك رجل يقال له غيلان القدري ، فشكاه الناس إلى هشام بن عبد الملك ، فبعث هشام إليه ـ زاد نصر الله : وأحضره ـ فقال له : قد كثر كلام الناس فيك ، قال : نعم يا أمير المؤمنين ، ادع من شئت فيحاجّنى ـ وقال نصر الله : فيجادلني ـ فإن أدرك عليّ سبب ـ وقال نصر الله : فإن أدركت ـ عليّ شيئا (٥) ـ فقد أمكنتك من علاوتي ـ يعني رأسه ـ قال هشام : قد أنصفت ، فبعث هشام إلى الأوزاعي ، فلمّا حضر الأوزاعي قال له ـ زاد
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٣.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٣.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٦٥٨.
(٤) المناظرة بين الأوزاعي وغيلان في العقد الفريد بتحقيقنا ٢ / ٢٠٥ من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي.
(٥) كذا بالأصل ، وفي المختصر : سببا.