وفد على معاوية بن أبي سفيان ، وعلى عبد الملك بن مروان.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو القاسم تمام ابن محمّد ، أنبأنا الضحاك بن يزيد بن عبد الرّحمن السكسكي ، أنبأنا وزيرة بن محمّد ، حدّثنا يوسف بن عبد العزيز المدني ، حدّثنا الحسن بن زيد ، حدّثني أبي وعموتي.
أن معاوية قال يوما وعنده عبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عبّاس ، والفضل بن عبّاس بن أبي لهب : إنّ بابي لكم لمفتوح ، وإنّ خيري لكم لممنوح ، فلا تقطعوا خيري عنكم ، ولا بابي دونكم ، فقد نظرت في أمري وأمركم ، فرأيت أمرا مختلفا ، إنكم ترون أنكم أحقّ بهذا الأمر منّي ، وأنا أحقّ به منكم ، فإذا أعطيتكم بعض حقوقكم قلتم أعطانا أقلّ من حقّنا ، وقصّر بنا دون منزلتنا ، فصرت كأني مسلوب ، والمسلوب لا حقّ له ، فبئس المنزلة نزلت بها منكم ، ونعم المنزلة نزلتم بها مني ، قال له عبد الله بن عبّاس : ما هاهنا مسلوب غيرنا ، إذ كان الحقّ حقّنا دون الناس ، وو الله ما منحتنا شيئا حتى سألناك ، ولا فتحت لنا بابا حتى قرعناه ، ولئن قطعت خيرك عنا إنّ الله لأرحم بنا منك ، ولئن غلقت بابك عنا لنكرمنّ أنفسنا (١) عنك ، والله ما سألنا قطّ عن خلّة ولا أحفينا في مسألة ، وإنّ من ضيعة (٢) الدين [وعظيم](٣) الفتنة في المسلمين ، قرعنا بابك وطلبنا ما في يدك ، فأمّا هذا الفيء فليس لك منه إلّا ما لرجل من المسلمين ، ولنا في كتاب الله حقان : حقّ الفيء ، وحقّ الخمس ، فالفيء ما اجتنى والخمس ما غلب عليه ، فعلى أيّ الوجوه جرى منك أخذناه وحمدنا الله عليه ، ثم لم يخرجك الله من خير جرى على يديك ، ولو لا حقّنا في هذا المال لم نأتك ، فقال معاوية : كفاك. ثم خرج القوم ، فأنشأ الفضل بن العبّاس بن أبي لهب يقول :
ألا أبلغ معاوية بن صخر |
|
فإنّ المرء يعلم ما يقول |
لنا حقّان : حقّ الخمس جار |
|
وحقّ الفيء جاء به الرسول |
فكلّ عطيّة وصلت إلينا |
|
وإن سحبت لطالبها الذّيول |
أتيح له ابن عبّاس مجيبا |
|
فلم يدر ابن هند ما يقول |
فأدركه الحياء فصدّ عنه |
|
وخطبهما إذا ذكرا جليل |
__________________
(١) بالأصل : «لتكر من أنفسنا» والمثبت عن ت.
(٢) كذا بالأصل ، وفي ت والمختصر : «ضعة الدين» وهو أظهر.
(٣) الزيادة للإيضاح عن ت.