ولنا عزّها وطيب ثناها |
|
وبنا يستريش من شاء ريشا |
نحن كنا حضارها من قريش |
|
وبنا سمّيت قريش قريشا |
واحتفرنا من جانب البيت بئرا |
|
وأقمنا أحيفشا وعروشا |
فابتنينا بها القصور وكنا |
|
أهلها نردف الجيوش الجيوشا |
بملوك تبتزّ عزّ ملوك |
|
لم يقارف من المعيشة طيشا |
أفأنا (١) السّبئي من كلّ برّ (٢) |
|
وأقمنا كراكرا وكروشا |
وافتتحنا مدائن المال كسرى |
|
واستبينا النبيط والأحبوشا |
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (٣) ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي ، حدّثنا عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني ابن عائشة قال : وأخبرني أبو عبيدة النحوي قال : أخبرني من سمع الفرزدق يقول : أتيت الفضل بن العبّاس اللهبي وهو يمتح (٤) بدلو من زمزم وهو يقول :
وأنا الأخضر من يعرفني |
|
أخضر الجلدة في بيت العرب |
من يساجلني يساجل ماجدا |
|
يملأ الدلو إلى عقد الكرب |
ورسول الله جدي جدّه |
|
وعلينا كان تنزيل الكتب |
قال : قلت : من يساجلك فرجلي في كذا من أمه ، قال : أتعرفني لا أم لك؟ قال : قلت : وكيف لا ، وقد فرّغ الله في أبويك سورة من كتابه فقال جلّ وعزّ : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(٥) قال : فضحك وقال : أنت الفرزدق؟ قلت : نعم ، قال : قد علمت أن أحدا لا يحسن هذا غيرك.
قال القاضي : معنى فرّغ أي ليس في السورة غير ذكر أبي لهب ، وذكر امرأته ، وقد ألطف الفرزدق فيما خاطب به الفضل لأنه لما لم يمكنه مساجلته ، وقد فخر بنسبه (٦) من
__________________
(١) البيت في تاج العروس بتحقيقنا (كرش) بدون نسبة.
(٢) تاج العروس : كل حي.
(٣) رواه المعافى بن زكريا الجريري في كتاب الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٨١ وانظر الأغاني ١٦ / ١٧٨.
(٤) إعجامها ناقص بالأصل وت ، وفي المختصر : يميح ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٥) سورة المسد ، الآية الأولى.
(٦) تقرأ بالأصل : بنفسه ، والمثبت عن ت والجليس الصالح.