سمعت أبا المظفر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري يقول (١) : سمعت أبي يقول : سمعت محمّد بن الحسين يقول : أنبأنا أبو بكر محمّد بن جعفر ، حدّثنا الحسن بن عبد العزيز العسكري ، حدّثنا ابن أخي أبي زرعة ، حدّثنا محمّد بن إسحاق بن راهوية ، حدّثنا أبو عمّار (٢) ، عن الفضل (٣) بن موسى قال :
كان الفضيل شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينا هو يرتقي الجدران (٤) إليها سمع تاليا يتلو : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ)(٥) فقال : يا رب قد آن ، فرجع ، فأواه الليل إلى خربة ، فإذا فيها رفقة ، فقال بعضهم : نرتحل ، وقال قوم : حتى نصبح ، فإنّ فضيلا على الطريق يقطع علينا ، فتاب الفضيل وأمّنهم وجاور الحرم حتى مات.
وقال الفضيل بن عياض (٦) : إذا أحب الله عبدا أكثر غمّه ، وإذا أبغض عبدا وسّع عليه دنياه.
وقال ابن المبارك : إذا مات الفضيل ارتفع الحزن (٧).
وقال الفضيل : لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت عليّ لا أحاسب بها لكنت أتقذّرها كما يتقذّر أحدكم الجيفة إذا مرّ بها أن تصيب ثوبه (٨).
وقال الفضيل : لو حلفت أني مراء (٩) أحبّ إليّ من أن أحلف أني لست بمراء (١٠).
وقال الفضيل : ترك العمل لأجل الناس هو الرياء ، والعمل لأجل الناس هو الشرك (١١).
__________________
(١) الخبر في الرسالة القشيرية ص ٤٢٤.
(٢) هو الحسين بن حريث بن الحسن ، أبو عمار الخزاعي المروذي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١١ / ٤٠٠. ومن طريقه روي الخبر في تهذيب الكمال ١٥ / ٤٠٧ وسير أعلام النبلاء ٨ / ٤٢٣.
(٣) كذا بالأصل وت وتهذيب الكمال وسير الأعلام ، وفي الرسالة القشيرية : الفضيل بن موسى.
(٤) في الرسالة القشيرية : الجدار.
(٥) سورة الحديد ، الآية : ١٦.
(٦) الرسالة القشيرية ص ٤٢٤ وسير أعلام النبلاء ٨ / ٤٣٢ وحلية الأولياء ٨ / ٨٨.
(٧) الرسالة القشيرية ص ٤٢٤ وحلية الأولياء ٨ / ٨٧.
(٨) الرسالة القشيرية ص ٤٢٥ وحلية الأولياء ٨ / ٨٩.
(٩) بالأصل : «رائى» وفي ت : «بمرائي» والمثبت عن الرسالة القشيرية ص ٤٢٥ وحلية الأولياء ٨ / ٩٤.
(١٠) بالأصل : «بميرائي» وفي ت : «بمراى» والمثبت عن الرسالة القشيرية وحلية الأولياء ٨ / ٩٤.
(١١) الرسالة القشيرية ص ٤٢٥.