أخبرني رجل من جيران الفضيل ـ يعني : بن عياض ـ من بيورد (١) قال : كان الفضيل يقطع الطريق وحده ، قال : فخرج ذات ليلة ليقطع الطريق فإذا هو بقافلة قد انتهت إليه ليلا ، فقال بعضهم لبعض : اعدلوا بنا إلى هذه القرية فإنّ أمامنا رجلا يقطع الطريق ، يقال له الفضيل ، قال : فسمع الفضيل ، فأرعد وقال : يا قوم أنا الفضيل ، جوزوا والله لأجتهدن أن لا أعصي الله أبدا ، فرجع ، فترك ما كان عليه.
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكي في كتابه ، أنبأنا الحسين بن يحيى ابن إبراهيم المكي ، أنبأنا الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي ، أنبأنا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم ، حدّثنا أبو القاسم عبد السلام بن محمّد بن أبي موسى ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام قال : سمعت علي بن سلمة بن قتيبة يقول : قال إبراهيم بن الأشعث :
كان مبتدأ توبة فضيل بن عياض أنه خرج عشية يريد مقطعه ـ وكان يقطع الطريق ـ فإذا بقوم حمّارة معهم ملح ، فسمع بعضهم يقول : مرّوا مرّوا لا يفجأنا فضيل فيأخذ ما معنا ، فسمع ذلك فضيل فاغتمّ وتفكّر وقال : يخافني هذا الخلق الخوف العظيم ، فتقدّم إليهم وسلّم عليهم ، وقال لهم وهم لا يعرفونه : تكونون الليلة عندي وأنتم آمنون من الفضيل ، قال : فاستبشروا وفرحوا وذهبوا معه ، فأنزلهم وخرج يرتاد لهم علفا ، فرجع إليهم فسمع قارئا يقرأ : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ)(٢) فصاح الفضيل ومزق ثيابه على نفسه وقال : بلى والله قد آن ، وكان هذا مبتدأ توبته.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنبأنا أبو الحسن ابن السّقّا ، وأبو محمّد بن بالوية ، قالا : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، حدّثنا عباس (٣) بن محمّد الدوري ، حدّثنا سعيد بن منصور ، حدّثنا الشيخ الصالح فضيل بن عياض فذكر حكاية.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن الحسين النيسابوري ، أنبأنا أبو علي الحسن بن عمر بن الحسن بن يونس ، أنبأنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن النّجّاد ، حدّثنا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني ، حدّثنا محمّد بن النعمان ، حدّثنا فضيل بن عياض أبو علي الرجل الصالح ، فذكر عنه حكاية.
__________________
(١) كذا بالأصل وت هنا : «بيرود» وفي تاريخ بغداد : يبرود ، بتقديم الياء.
(٢) سورة الحديد ، الآية : ١٦.
(٣) بالأصل : عياش ، تصحيف.