ولمجتمع بغداد ومحلاتها وطبقات السكان فيها ، مع العادات والأزياء والملابس. هذا وقد علّقت على كل ذلك ما أمكن التعليق توضيحا للحقائق وربطا لها بالحوادث التاريخية العامة على قدر الإمكان.
أما الجزء الثاني من الرحلة ففيه تسع عشرة رسالة أيضا ، وهي تتناول سفرات أجريت إلى سلوقية وطاق كسرى ، ثم إلى آثار بابل والحلة وما جاورهما ، وإلى مخيم زبيد وبعض العشائر الأخرى ، وإلى منتفك وسوق الشيوخ وما حوله. ويلاحظ من هذه الرسائل أن صاحب الرحلة يعود إلى بغداد ثم يغادرها متوجها إلى إيران ثانية عن طريق ديالى التي يكتب عنها شيئا أيضا. ولم يسمح لي المجال مع الأسف أن أقوم بترجمتها.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن صاحب الرحلة يجنح في رسائله هذه إلى التحامل على العرب والأكراد معا بعض التحامل ، ويصمهم بوصمات ونعوت قد لا تكون مناسبة ، وخاصة العشائر منهم. وذلك في معرض التكلّم عن أخطار الطريق وتعرّض السياح والمسافرين إلى السلب والنهب وفرض الإتاوة عليهم. وإني أعتقد أن هذا شيء لا يمكن أن يكون غير منتظر بالنسبة لأوضاع البلاد وأحوال سكانها في تلك الأيام من جهة ، ولعقلية الأوربيين واستغرابهم مما يصادفونه في البلاد الغريبة عنهم من جهة أخرى. على أنني مع كل ذلك أؤاخذه فيما يصدره فيها من أحكام عامة في بعض الأحيان من دون أن تستند إلا إلى حوادث فردية أو وقائع شاذة لا يمكن أن تتخذ مقياسا تقاس به الأمور بصورة عامة. ولا شك أن القارىء الكريم سيلتفت إلى ذلك.
وقبل أن أختم هذه الكلمة أود أن أشير إلى أن صاحب الرحلة المستر فريزر ملم باللغة الفارسية على ما يبدو من كتاباته ، وله كتب عن إيران منها «القزلباش» و «رحلة شتوية إلى إيران» (١) عدا كتابه الآخر عن آثار العراق الموسوم «ما بين النهرين وآشور» (٢). كما أود أن أسجل إعجابي بأسلوبه
__________________
(١) A Winter Joumey to Persia.
(٢) Mesopotamia ,and Assyria (N.Y.٢٤٨١)