طريقه أو يفكر فيه. وتبدأ الرحلة المطبوعة هذه بالرسالة الأولى من تبريز ، التي أرّخها في ٤ تشرين الأول ١٨٣٤ م. فيتطرّق في رسائله الخمس الأولى إلى وصف الحالة في تبريز وكردستان الإيرانية كلها وخاصة منطقة أردلان. وبالنظر لأن هذه المناطق تقع في إيران فقد ضربت صفحا عنها ولم أقم بترجمتها لأنها لا تمت بصلة قوية إلى تاريخ هذه البلاد. لكنني وجدت من المناسب ، بل من الضروري ، أن أقوم بترجمة قسم كبير من رسالته الثالثة (المؤرّخة في ١٧ تشرين الأول ١٨٣٤ م) لأنه يتطرّق فيها عرضا إلى شؤون راوندوز من تاريخ الأصقاع الشمالية من العراق نفسه. وقد أهملت كذلك قسما غير يسير من الرسالة الخامسة عشرة (الأخيرة) المطبوعة في الجزء الأول لأنها تتطرّق في بحثها إلى عشائر عربية تدخل في داخل الحدود التركية أولا ، ولأن البحث المتروك يعدّ شيئا تافها لا قيمة تاريخية له.
أما الرسائل الأخرى التي يحويها الجزء الأول من الرحلة ، أي الرسالة السادسة إلى الخامسة عشرة ، فهي التي تؤلف مجموع هذا الكتاب الذي أطلقت عليه تجاوزا اسم (رحلة فريزر إلى بغداد في ١٨٣٤ م). ولهذه الرسائل ، عدا ما فيها من طرافة ، أهمية تاريخية غير يسيرة. لأنها تجلو لنا كثيرا من مراحل التاريخ العراقي في أواخر أيام داود باشا أو أوائل العهد الجديد الذي دخل فيه العراق ، بعد أن تعاونت الأقدار وجيوش السلطان في القضاء على باشوات المماليك وعهدهم ووضعت حدا لاستقلالهم في الحكم عن الباب العالي في استانبول.
فهي تصف مير راوندوز كور محمد باشا وصفا طريفا وتتطرّق إلى فتوحاته وطريقة حكمه ، وتصف ما آلت إليه الحالة في السليمانية من فقر وخراب بسبب الخلافات العائلية والطاعون ، كما تصف مؤامرات داود باشا ، والطاعون الكبير الذي أتى على ثلثي سكان بغداد في أيامه ، والغرق ، والخراب الذي حل بالبلاد في أثر ذلك. ثم تتطرّق إلى استيلاء علي رضا باشا على بغداد وقضائه على بقايا المماليك ، وطريقته في الحكم مع سياسته العشائرية. وفي الرسائل معلومات مفيدة عن عشائر الجربا وعنزة وعقيل وزبيد واستفحال أمرها مع تهديدها لبغداد نفسها ، ووصف طريف لبغداد بعد خرابها ،