لنوع العمل الذي يأتون من أجله أو المهمة التي يندبون لها. وقد عمد الكثيرون من هؤلاء إلى كتابة مذكرات أو يوميات عن رحلاتهم وسفاراتهم هذه ، فكان بعضها مهما وبعض الآخر تافها لا قيمة له. فتوفرت من ذلك كله ثروة تاريخية غير يسيرة ، لها قيمتها في توضيح الحوادث التي كانت تقع في شتى الأدوار التي مرت بها هذه البلاد ولا سيما في «عصورها المظلمة» ، على ما فيها من تحيّز وتحامل في بعض الأحيان.
ولو أردنا أن نحصر الغايات والأغراض التي كان أولئك السياح المسافرون يقصدون هذه البلاد من أجلها في تلك الأيام نجد أنها لا تخرج عن النقاط التالية : «التبشير ، التنقيبات الأثرية ، السياحة والمغامرة ، الأغراض التجارية ، التمثيل السياحي ، والانتداب لأغراض فنية أو عسكرية أو طبية ، هذا فضلا عن المرور من هذه البلاد الواقعة بين القارات وخاصة في الطريق إلى الهند وإيران. ولذلك فقد أورد لونگريك وحده في قائمة مراجعه عن العراق للفترة ما بين ١٥٥٣ م و ١٩١٤ م أسماء لثماني وتسعين رحلة وتقرير ومقالة مسهبة ، وكلها تصف العراق وأوجه الحياة فيه بطريقة أو بأخرى. أما أصحاب هذه الرحلات فهم بين برتغالي وفرنسي ، وهولاندي وألماني ، وإيطالي وإنكليزي ، وأرمني وهندي ، بالإضافة إلى أربعة من الأتراك. غير أن قسما كبيرا من أولئك هم من الإنكليز بلا شك.
ومن جملة السياح الإنكليز هؤلاء ، أو الرحالين ، صاحب هذه الرحلة المستر جيمس بيلي فريزر ، الذي كتبها بجز أين وسماها «رحلات في كردستان وبين النهرين» (١). وهو رجل مهنته الكتابة ، وقد قام برحلته في عام ١٨٣٤ م ، فسافر من استانبول إلى إيران بمهمة ديبلوماسية وقطع المسافة على ظهور الخيل ثم تجول فيها حتى حط الرحال في تبريز. وأخذ يكتب منها إلى زوجته على ما يظهر رسائل متتالية فيها شيء غير يسير من التفصيل عن كل ما يرى في
__________________
(١)(Richard bentley ,New ، Mesopotamia Travels in Koordistan ، J.Baillie Fraser. (١٨٤٠Burlington st ,London