العراق. وقد تعاظم نفوذهم في أيام الباشوات المتأخرين من المماليك في العراق ومن أتى بعدهم بحيث راحوا يتدخلون في كثير من شؤون العراق الداخلية ، ويسخرون نفوذهم السياسي في إبقاء هذا الباشا أو ذاك متربعا على دست الحكم فيه.
ويقول لونگريك في هذا الشأن ، «أما في داخل العراق فإن انتقال البلاد من حالة القرون الوسطى إلى حالة دولية حديثة قد زاد في اتصاله وتعاونه مع الممثلين الأجانب. فقد كانت المشاريع البريطانية من جهة تقوم بخدمات جليلة للعراق من دون أن تطلب شيئا في مقابل ذلك سوى تأمين توسع التجارة البريطانية. وكان حكام العراق المتعصبون من جهة أخرى مستائين من وجود هؤلاء الأجانب وامتيازاتهم ، وصداقاتهم للقبائل ، لكنهم لم يقووا على منع كل ذلك. فإن كبيرهم «المقيم» كان بوسعه أن يحطم كل شخص بكلمة واحدة تصدر منه إلى استانبول .. وبينما كان القنصل ـ التاجر في القرن الثامن عشر غير قادر على شيء سوى دوام «الامتيازات» وتركه حرا دون تعرّض له أصبح مقيم القرن التاسع عشر وهو المتكلم نيابة عن شركات البواخر ، وهيئات إنشاء التلغراف ، والأثريين ، ومؤسسات الهبات الخيرية. ولم تفتأ بعض استنجادات القبائل بالحماية البريطانية تزعج الباشا أشد الإزعاج ..».
على أن نشأة التغلغل البريطاني هنا في بداية القرن التاسع عشر كان يتأثر إلى حد كبير بالمنافسة التي كانت موجودة بين بريطانية وفرنسة النابوليونية في الشرق الأوسط جميعه. وقد ظلت بريطانية على وضعها هذا حتى استطاعت القضاء على نابوليون أيضا ، وتخلصت من شر الخطط التي وضعها لتهديد مركزها في الهند وما جاورها. وفي حوالي ١٨٣٠ م تبدأ المنافسة البريطانية الروسية في هذه الجهات من العالم ، وتمتد إلى نهاية القرن تقريبا ، لتحل محلها بعد ذلك المنافسة الإنكليزية الألمانية.
وفي خلال هذه المراحل والأدوار كلها كثر اتصال العراق بالعالم الخارجي وتعدّدت أوجهه ، وصار الكثيرون من الأوربيين يقصدون هذه البلاد أو يمرّون بها. ويتجوّلون في أرجائها. أو يقيمون فيها مدة تقل أو تزيد تبعا