منظر أصيل بين جميعها. ولا شك أن أحسنها كان قد ركبها أناس اصطحبهم الشيخ معه حينما ذهب في خدمة الپاشا ، لكنني كنت أتوقع أن أرى مزيدا من الخيول التي تستحق أن ينظر إليها.
فلم تكن هزيلة وصغيرة فحسب ، بل كانت قبيحة الشكل وتنقصها جميع الصفات المهمة التي يتميز بها الجواد العربي. والحقيقة أن قبيلة زبيد لم تكن على ما يبدو مشتهرة بالخيول الأصيلة. وإذا سألتهم عن سبب ذلك يردون عليك بقولهم «إننا إذا أردنا أن نحصل على الأصائل من الخيول نذهب إلى عنزة فننهب منها ما نريد». وقد فعلوا هذا في الحقيقة ذات يوم ، لكنه كاد يكلفهم وجودهم كقبيلة محترمة بين القبائل.
فقد أرادوا في يوم من الأيام على ما يبدو أن يحصلوا على عطف مير آخور الپاشا ، أو رئيس الخيلية التابع للپاشا ، بأن يقدموا له هدية محترمة. لكنهم وقد كانوا لا يملكون أنفسهم الجياد الأصيلة اللائقة ، عمدوا إلى سرقة دزينة من أحسن خيول عنزة التي كانوا على وفاق تام معها في ذلك الوقت. على أن هؤلاء سرعان ما اكتشفوا السرقة ، ولم يفتهم أن يعينوا السراق أنفسهم. فبعثوا إلى زبيد يحملونها وزر الجريمة ، وهم يقولون «لقد كنا إخوانا لكم وهكذا نرغب أن نكون. وقد سرقت خيولنا وأنتم سراقها ـ نحن نعلم ذلك ولا يجديكم الإنكار شيئا ، بل أرجعوها لتكونوا إخوانا لنا كما كنتم من قبل ، وإلا فنحن أعداء لكم منذ الآن». فحلفت زبيد بكل ما هو مقدس بأنهم واهمون فيما ذهبوا إليه ـ وأنها لا تعلم شيئا عن الموضوع ، ودعت عنزة أن تأتي فتفتش عن خيولها عندهم. ولا شك أن العرب لا يجاريهم أحد في إخفاء الخيل المسروقة ، وقد نجحوا نجاحا غير يسير في هذا الحادث بحيث لم تستطع عنزة تمييز خيولها من بين الخيول الأخرى. لكن رجال عنزة ظلوا غير مقتنعين بالنتيجة ، وقال «إن هذا لا يدل على شيء في الحقيقة ، أنتم السراق وليس غيركم. ولما كنتم قد اخترتم أن تؤذوننا وتهينوننا ولا تلتفتون إلينا ، فليكن الأمر كذلك ، ونحن أعداؤكم».
وقد برت عنزة بوعدها هذا. ولما كانت على جانب أكبر من القوة