مربعة تشد من زاويتين بحيث تصبح مدلاة من فوق الظهر. أما في الرأس فيلبس قطعة مدورة من الفضة تتدلّى منها دلايات كبيرة تعلّق في كل منها قطع من العملة حول الرأس والرقبة ، مصنوعة كلها من الفضة. وتعدّ طريقة التحية عندهم شيئا مستغربا ، إذ يمسك أحد المتسالمين الآخر من المعصم الأيمن ويقبّل ذراعه. وفي كل مساء كان ستة أو ثمانية من القرويين يتناولون العشاء في بيت المير ، مع عدد من المحاربين القدماء من أصدقاء شبابه. ومما لا حظه الدكتور هنا انتشار الرمد بين الناس.
وقد تبيّن أن المير العجوز (مصطفى) أعمى لا يرجى له شفاء. وسبب ذلك ، على ما يرويه هو نفسه ، أنه أصيب بالرمد ذات يوم لأنه وضع الثلج فوق رأسه حينما اشتد عليه الحر أثناء تسلقه الجبل الذي وجد فوقه طبقة سميكة منه. على أن بعض الروايات تزعم أن عينيه قد سملتا بأمر من ابنه ، وتم ذلك بواسطة «ميل» ساخن إلى حد الاحمرار لكن الدكتور روص يؤكد بأن هذا خطأ محض. أما سبب تنازله عن الحكم لابنه فهو على جانب أكبر من الشك وعدم التأكد. إذ يزعم البعض أن تنحيته كانت بالقوة ، بينما كان يقول آخرون إنه اقتنع بأن ابنه سيكون أعظم منه فتنازل له عن الحكم طوعا لا كرها.
وللمير محمد ، أو الباشا ، أربعة إخوة على قيد الحياة. غير أن اثنين منهم ، وهما تيمور خان وسليمان بك ، قد سجنا (١) في قلعة تقع على بعد خمس ساعات من راوندوز. وكان الأخ الثالث أحمد بك يتولى حاكمية أربيل ، بينما كان الرابع وهو رسول بك يتولى شؤون الجيش. يضاف إلى ذلك أن المير له ثلاث زوجات من دون ذرية ، وليس من المؤمل وهو في الخامسة
__________________
(١) جاء في (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) في هذا الشأن : «.. وكان دويلة راوندوز الصغيرة قد انتقلت في حدود عام ١٨١٠ م من يد أغوز بك إلى مصطفى بك وهذا ، بعد أن حارب البابانيين حربا غير منقطعة ، تزوج منهم زواج حلف وانصرف إلى توحيد مملكته فوحدها. وحكمها بحكمة ، وأخذ الحكومة محمد بك ـ أي المير محمد ـ من يدي والده الواهنتين قبل وفاته. ومات مصطفى في ١٨٢٦ م ، وتبعه محمد فقتل عميه في الحال».