على بلدة صغيرة تتألف من مئة دار حقيرة تنتشر بين غابة كثيفة من البساتين الحاوية لكل نوع من أنواع الأشجار المثمرة. وكانت بلدة راوندوز تتألف ، على ما يبدو من هذا الموقع ، من حوالي ألفي دار متواضعة مع شيء يشبه القلعة يقع ما بين الجبال على الضفة الجنوبية من الزاب الكبير ، الذي كان يمتد من فوقه جسر من جذوع الأشجار المستندة على دعامتين حجريتين والمغطاة بشيء من الأغصان والتراب. وقد كان النهر ضيّقا سريع الجريان ، جائشا عميقا ، لكن الأكلاك على بعد ثماني ساعات من أسفل هذا الموقع كان من الممكن لها أن تعبره. ولم يسمح للدكتور بزيارة راوندوز ، ولا بالتجوال الكثير في المنطقة ، لكنه يذكر بين ما سمع من الأشياء التي تلفت النظر شيئا واحدا على الأخص. فقد ذكر شيئا عن عمود من الرخام يقوم فوق قاعدة مضلعة ويبلغ طوله كله حوالي ثلاثة رماح (ثلاثون إلى خمسة وثلاثين قدما) ، وهو مغطى بالكتابات المنحوتة فيه ، وقد أبدى عدد من الأوربيين من قبل رغبة في مشاهدته في مختلف الأوقات ، لكنهم لم يسمح لهم كلهم بذلك. ومما قيل في هذا الشأن أن العمود يبعد عن دمدم مسيرة يومين ، والمعتقد أن الملكة سميراميس هي التي أقامته هناك.
ولم يكتب الدكتور روص عن دمدم وسكانها بلهجة مشجعة. فقد كتب يقول عن السكان «إنهم على ما يبدو لا يعرفون شيئا عما هو حسن في العالم. وهم يلبسون ألبسة خلقة ، وبيوتهم أشبه بأقنان الخنازير لا غير. يضاف إلى ذلك أنهم وحوش متجهمو الخلقة ، لا يعطون حتى ولا جرعة واحدة من الحليب من دون تذمر وصخب ، وكل شيء آخر لا بدّ أن ينتزع منهم بالقوة. وحينما أعطيتهم بعض الأدوية أخذوا يدمدمون لأني لأني لم أزودهم بالقناني اللازمة لحفظها بها». على أن لباس الموسرين منهم كان يشبه لباس البغداديين. أما الفقراء فقد كانوا يرتدون سترة قصيرة ، وسراويل صوفية فضفاضة ، وصديريا من اللباد لا أردان له ، مع أحذية قطنية ، وجوارب صوفية. كما كانوا يضعون فوق رؤوسهم العمامة الكردية الخاصة. ويلبس النساء ثوبا أزرق ، مع سراويل فضفاضة مشدودة من أسفل حول رسغ الرجلين ، وعباءة