أن يكون قد حمله معه فإن الأوغاد المناكيد تبعوه إلى منزله طالبين المزيد. أما في ممتلكات راوندوز فإن البخشيش لم يذكر قط. هذا وقد أجرى الدكتور مقارنات في كل ناحية من النواحي بين حكومة علي باشا في بغداد وحكومة المير ، وهو يعطي الأفضلية للأخير ويشير إلى أحاديث الخيانة التي كان يصرح بها علانية بالنسية لعلي باشا ، بينما كان الإطراء والثناء على المير يلهج بهما الجميع بصراحة.
وإلى هذا الحد نكتفي بما ورد في يوميات الدكتور روص. أما المعلومات التي زودني بها معظم الأشخاص الذين قابلتهم ، ممن له اطلاع كاف في الموضوع ، فتتفق مع معظم التفصيلات الواردة في هذه اليوميات. فإن شخصية المير وأخلاقه تظهر في أعماله (١). فهو طموح إلى حد الإفراط ، ومستهتر تماما بالنسبة للوسائل التي يصل بها إلى غاياته ومطامحه. ومع أنه فطن بعيد النظر فإنه حسود ومرتاب للغاية. وهو على تشبعه بفكرة العدالة الحقة التي لا تعرف المحاباة يسخر مبادئه للحصول على المزيد مما يشبع به أطماعه وليس لمجرد العدالة نفسها. أضف إلى ذلك أنه لا يتورع عن سفك الدماء لكنه غير ميال إلى أن يقتل الناس بطيش أو تهور ، ومن دون سبب. ومع
__________________
(١) يلخص المستر لونكريك أعماله وفتوحاته فيما يلي : «.. وقد ظهرت مزايا ـ البك الأعور ـ في سلسلة غير منقطعة من الفتوحات. فقد أخضع الشيروان الأقوياء وقبائل البرادوست في الشمال ، وقلل من نفوذ الشورجي ، ثم طرد الحاكم الباباني من حرير ، وأخذ أربيل وآلتون كوبري ، ونصّب أقاربه في هذه الأماكن. واقتطعت رانيه وكوي من البابانيين ، وأصبح الزاب الأسفل هو الحد. وقد اضطر علي رضا إلى الاعتراف بهذه السلطة الجديدة فرفعه إلى مرتبة الباشا. وفي أوائل ١٨٣٣ م سار محمد إلى عقرة ، وأخذها بعد أن حاصرها ، ثم طرد حاكمها إسماعيل باشا. وبعد أن خلع من العمادية سيد باشا بسهولة نصب في مكانه أخاه رسول بك. وأصبحت دهوك وزاخو من توابع إمبراطوريته فأقام فيهما الضبط غير الخاطئ بقسوته العادلة ... وبعد ذلك غزا في جبل سنجار ، وضرب قرى قريبة من الموصل ، واحتل جزيرة ابن عمر ، وأفزع البدرخانيين في حسنكيف ، وكذلك هددت نصيبين وماردين نفسها غير أن هذا كان حده الذي وقف عنده ...»