ذلك فهو لا يرحم حينما يتيسر السبب مهما كانت أهميته. فقد روي لي أن قبيلة من القبائل الكردية كانت تعارضه بشدة في أثناء محاصرته للعمادية ، وظلت متمادية في ذلك حتى بعد أن سقطت في يده ، فساق عليها قواته وبعد أن أخضعها وعانى ما عانى من أجل ذلك قتل جميع من وصلت إليه يده من أفرادها حتى بلغت ضحاياه عدة آلاف من الرجال. وقد فعل ذلك على سبيل العبرة للآخرين.
ولا يمتد حسد المير إلا إلى الغرباء الذين يسيحون في البلاد من دون شغل يتضح له. فإن التجار والبغالة وسكان البلاد المجاورة لا يحتاجون إلى جواز سفر في ممتلكاته ، وهم أحرار في رواحهم وغدوهم. لكن الأشخاص القادمين من مسافة بعيدة ، وخاصة من بلاد أظهرت له شيئا من العداء في يوم من الأيام ، لا بد أن يتعرضوا للتوقيف أو الحبس كجواسيس. وقد استفسرت عما سيحل بي فيما لو دخلت بلاده من دون الحصول على رخصة مسبقة منه ، فكان جواب الجميع على ذلك أن الإقدام على محاولة مثل هذه تعد غاية في الطيش وعدم التبصر. لأنه رجل سيىء التفكير (بدفكر) وقد يتصورني جاسوسا فيسيء معاملتي ، وخاصة لأنني كنت سأدخل إلى ممتلكاته من تبريز. وحينما أبديت إصرارا في معرفة المعاملة السيئة التي يمكن أن أعامل بها قالوا لي بأنني يمكن أن أحجز في مكان منيع حتى يمكن أن يعرف ما يريده المير مني ، وبعد ذلك قد أطرد إلى خارج البلاد بطريقة لا يتسنى لي أن أرى شيئا منها. على أنني قد لا أقابل بالعنف في داخل ممتلكاته حرصا على سمعته الطيبة ، لكنني من المحتمل جدا أن أقع فريسة للصوص حالما أعبر الحدود في طريقي إلى الخارج. ومن السهل أن يحصل هذا في بلاد مضطربة مثل هذه (١).
__________________
(١) لم يكن مصير هذا الرجل العجيب كما كان من المؤمل أن يكون. فقد كون تقدمه المطرد وتأثيره على الممتلكات التركية حركة قوية ضده في الباب العالي. إذ زحف عليه رشيد باشا (الكوزلكلي) ، الذي كان يقود الجيش في ديار بكر من جهة كردستان ، وهاجمه علي باشا والي بغداد ومحمود باشا (البير قدار) والي الموصل من جهتي الجنوب والغرب. فدافع المير عن نفسه ببسالة وإقدام ، ولو كانت جيوشه ـ