وعلى هذا يبدو ان هذه المنطقة قد تصبح ذات يوم منجما للعاديات غير المستكشفة. والمقول ان السهل بإجماعه مغطى ببقايا الأبنية القديمة ، ولكن من النادر ان يوجد فيها شيء غير الآجر والفخار وما اشبه.
وفي هذا اليوم أيضا جرت لي مقابلة مع محمد خان «سرتيپ» (١) أو قائد القوات الإيرانية في السليمانية ، وهذه القوة تتألف من أربعمئة رجل وثمانين مدفعيّا مع خمسة مدافع عادية ومدفعي هاون. ولا شك انها قيادة صغيرة لكنها كافية تمام الكفاية لواجب ابتلاع البلاد والنهب حينما لا يستطيعون الحصول على ما يكفيهم بالطرق الأخرى. والحقيقة ان أي جزء من ايران أو البلاد المجاورة لها ليس في مقدوره بحالته الحاضرة ان يقوم بأعباء جيش فعال ويقيته. ويحاول الأمير في كرمنشاه الإبقاء على هذه الولاية تابعة لإيران في وجه پاشا بغداد الذي تتبع لحكومته في العادة ، وحينما يحاول تحقيق ذلك بأقل ما يمكن من الكلفة والمصاريف لحكومته هو يقوم بتخريب ممتلكاته. على أن محمد خان بصرف النظر عن الجهة التي تؤخذ منها مصاريفه ، كان بطلا أهلا للحفاظ على سطوة سيده ضد العالم أجمع! فإنك إذا ما أعطيته الوسائل والإذن اللازم يستطيع أن يبيد المير في راوندوز ، ويحبس پاشا بغداد في داخل حدوده
__________________
(١) سرتيپ كلمة فارسية تعني في الوقت الحاضر رتبة في الجيش بدرجة رئيس أول. وقد ورد اسم سرتيپ محمد خان هذا في تقرير الفريق درويش باشا المعين لتعيين الحدود بين إيران والدولة العثمانية من قبل السلطان في حوالي سنة (١٢٦٠) للهجرة (طبعت التقرير وزارة الخارجية العراقية سنة ١٩٥٣ م). فهو يقول في البند رقم ٥٨ حول طوائف عشيرة البلباس : «.. وقد أرسل محمد باشا (المير محمد) قوة عسكرية إلى كويسنجق واستولى عليها ... ولم يستحسن المرحوم علي باشا (المقصود علي رضا باشا) والي بغداد هذه الحركة فأرسل قوة مسلحة تحت قيادة سليمان باشا متصرف السليمانية لمحاربة محمد باشا ... ولم يتمكن سليمان من القيام بأي عمل حازم وطلب نجدات من إيران وأرسل الإيرانيون سرتيپ محمد خان من تبريز مع قوة كافية وجرت معركة شديدة في قلعة دربند ... فطلب محمد باشا الصلح فوافق الباشا الموما إليه على ترك ثمانية قرى من كويسنجق إلى السليمانية ..».