وفي حالتي أنا ، استطعت بواسطة خادم من خدامي الذي قام بدور الترجمة أن استخرج شيئا من المعلومات من صديقي جهانگير أغا ، الذي كان قادرا على تقديم المعلومات بقدر ما كان مجاملا ولطيفا. فقد تعلّمت شيئا عن الطريقة الخالية من التبصر التي تتبعها حكومة بغداد في تأجير أراضي الباشوية ، وتأيدت لي الفوضى ، وما أدت إليه من تناقص في السكان ، التي شهدت عليها أعيننا نحن وآذاننا منذ أن دخلنا في حدودها.
وهكذا كان رأي مضيفنا الكريم حول فوضى الطريق وأخطاره ، حتى بالقرب من العاصمة ، بحيث إنه رفض بتاتا أن يسمح لنا بمتابعة السرى في تلك الليلة قائلا إنه لا يسمح لنا بالسير قبل طلوع الصبح حتى ولو أعطي ألف تومان عن ذلك ، لأنني كنت كالمعتاد راغبا في التحرك حالما تكون قد ارتاحت خيولنا. فإن البلاد كلها على ما يقول قد اكتسحها العرب الرّحّل ، وإن السرى في الليل من دون دليل يعتمد عليه يعد ضربا من الجنون. ولما كنا نعتمد عليه في إيجاد الدليل المطلوب ، الذي يستحيل السير من دونه في مثل هذه الطرق غير المنتظمة ، فقد تحتم علينا أن نذعن للأمر الواقع آملين فقط أن نتحرك في ساعة مبكرة من النهار.
على أن إيجاد الدليل كان على ما يظهر أمرا يسهل التكلم فيه ويصعب وضعه في موضع التنفيذ. فلم يحضر الشخص المهم الذي كان عليه أن يسير بنا في الطريق قبل السادسة والنصف. وكانت هناك مراوغة عربية حول الشخص الذي كان يترتب عليه الذهاب أو عدمه ، مما لم أستطع إدراكه أو فهمه. ولكننا أخيرا بدأنا بالرحيل ، وعلى بعد ميل واحد من القرية وصلنا إلى منزل من منازل العرب توقف فيه دليلنا ليحصل على خيالين اثنين منه يقومان بمرافقتنا للحماية ، إذ بدونهما لا يستطيع التقدم في الطريق ولا خطوة واحدة ، هكذا كانت أوامره ، وقد ظهر الآن أن مضيفنا ارتأى من الأسلم لنا أن يكون مرافقونا من العرب لا من العثمانلي ، وخاصة بالنسبة للرعب العظيم الذي كانت تشعر به البلاد في تلك الجهات من وصول جماعات كبيرة من الأعراب وضرب خيامها في الأراضي المنخفضة التي كانت تمتد بيننا وبين دجلة. وعلى