في يوم من الأيام ، برغم أن حوالي عشرين أو ثلاثين منها فقط تستحق الملاحظة والاهتمام لدرجة ما. أما القباب فلا أظنك تستطيعين أن تجدي ما يزيد على الدزينة منها بحجم يعتد به ، وأنا متأكد أن عدد المنائر يقل عن أربع وعشرين. وهناك عدد من المنائر والقباب المغطاة بالآجر المصقول ، الملون في الغالب باللون الأخضر والأبيض والأصفر والأسود ، الموشى بالفسيفساء (الموزاييك) ليدل على الأوراد والأرقام والكتابة التي يكون لها ، على حد تعبير المستر بگنغهام ، تأثير مبهج بدلا من تأثير الروعة والفخامة. ويمكن أن يقال بوجه عام إن جوامع بغداد ومراقدها تقلّ في طراز عمارتها عن جوامع ومراقد المدن الإسلامية الكبيرة في الهند بقدر ما تمتاز أبنيتها بوجه عام على أبنية المدن في إيران. وقد تحدثت عن الأسواق من قبل ، وإني أؤيد هنا المستر بگنغهام تمام التأييد في كونها بسيطة بساطة نسبية ، أما الخانات والحمامات فلا أستطيع أن أذكر إلا النزر اليسير عنها ، لكن الخانات التي رأيتها كانت تبدو وهي على درجة كافية من الرثاثة.
ويقول المؤرخ المشار إليه عن دور السكنى في بغداد «إنني لم أر منها سوى جدرانها الخارجية وسطوحها. وقد لفت نظري بوجه خاص أنني على طول هذه المدينة الواسعة وعرضها لم أجد ولا عقدا مدببا واحدا في أبواب أي مسكن من المساكن. فقد كانت العقود كلها مدورة ومنبسطة مع شيء من الزينة بالآجر الصغار فوقها. وحتى الأسواق القديمة والجوامع المتهدمة التي كان يلاحظ وجود العقد المدبب فيها يكون شكله أقرب إلى شكل العقد القوطي من العقد الإسلامي ، وهذا ما لا حظته في الموصل أيضا. ولذلك لا يمكن أن تكون بغداد نفسها قد كانت مقرا لفن العمارة الإسلامية الذي ربما يكون قد نشأ في بلد يبعد عنها من جهة الغرب.
«وتتألف البيوت من صفوف من الغرف تنفتح أبوابها إلى باحة داخلية مربعة. وفي الوقت الذي تشغل فيه السراديب ، وهي غرف تبنى تحت سطح الأرض ، أثناء النهار للاحتماء بها من الحرارة الشديدة تستعمل السطوح المكشوفة لتناول العشاء وقت المغرب والنوم فيها خلال الليل. فمن سطح