«وتعد الگرجيات والچركسيات من بين نساء بغداد أجملهن على وجه التأكيد ، وأقلهنّ تشويها بالمساحيق. أما نساء الطبقة العليا من سكان البلاد الأصليين فتكون سحنهن أقل طراوة وصفاء ، بينما تكون نساء الطبقتين الوسطى والدنيا ، ببشرتهن السمراء وقلة جمال محياهن إلا من حيث العيون السود المعبرة ، قد وشمن أنفسهن وشما وحشيا يكسبهن مظهرا منفرا في بعض الأحيان. وتقوم نساء جميع الطبقات والمراتب بصبغ شعرهن بالحناء ، كما تصبغ راحات أيديهن صبغا قويا بها بحيث تبدو وكأنها أيدي البحارة المكسوة بالقطران».
وإلى هذا الحد أكتفي بهذا المقدار مما ذكره المستر بگنغهام. ومن المؤكد أن نساء الگرج والچركس هن أجمل النساء وأكثرهن تقديرا هنا ، لكنهن أصبحن أكثر ندرة من ذي قبل. فإن تركيا لا يسعها بعد هذا أن تشجع تجارة الرقيق مع هذه البلاد التعيسة المضطهدة (القفقاس) ، حيث إن أهاليها يرزحون الآن تحت وطأة الحكم الذي يمارسه طاغية أشد قسوة من الحكام السابقين وهو عاهل الروس المطلق المستبد. ويسير القضاء على السكان هناك سيرا حثيثا ، ولكن ليس بالسرعة التي يريدها المغتصب. فحينما كنت في تبريز تناهى إلينا أن حملة كانت على وشك أن تجرد من تفليس ضد الأباظة بنية استئصالهم.
وليس من المحتمل كذلك أن يتكاثر العنصر الگرجي هنا ، لأن المعروف اليوم معرفة قاطعة أن قليلا من نساء تلك البلاد من يمكنهن تربية الأطفال وتنشئتهم في هذه الجهات. فهم يموتون عادة قبل إكمال الثالثة من أعمارهم ، ويعزو البعض القسم الأعظم من هذه الوفيات إلى ولع الأمهات الخالي من التبصر بتحشية أطفالهن الصغار بالحلويات وسائر الأنواع غير المناسبة من الغذاء.
ولقد قدر بگنغهام نفوس بغداد حينما كان موجودا فيها بما يتراوح بين الخمسين والمئة ألف نسمة. وهو يعتبر عدد نفوسها أقل من عدد نفوس حلب وأكثر من نفوس دمشق ، بحيث إنه يجعل الحد المقارب للحقيقة ثمانين ألفا.