يمنع حسن المواطنة وجمال المعاشرة ويقسو بعضهم على بعض فى النقد ومع ذلك يأتى بعضهم بعض ويتلاقون ويتفكهون كأنما الذى بينهم هو الود الصريح والحب المحض وأحسب أن ذلك إنما كان كذلك لأنهم يدركون إدراكا صحيحا ما بين الواجب والحق من صلة فلا ينكرون الحق على صاحبه وهم يتقاضونه واجبه ، ولا يغلون فى نشدان الحقوق ويهملون الواجب ومن هنا على ما أظن اعتدل الميزان واستقام الأمر.
مزية لشباب الشام :
وسرعان ما يبين المرء أن أهل الشام أكثر توافرا على درس الأدب العربى والتاريخ العربى من غيرهم من أبناء العربية وما لقيت شابا هناك إلا وجدته واسع الإطلاع على الأدب والتاريخ ولعل إطلاعهم على الآداب العربية أقل وأضيق نطاقا ، وعسى أن يكون المصريون من أجل ذلك أرحب أفقا وأصح إدراكا لحقيقة معنى الأدب ، ولكنه لا شك فى أن شبابهم أكثر من شبابنا إحاطة بكنوز العربية وعناية بها والعربية هى لغتنا فلا مهرب من هذه العناية وتلك مزية جلية لأبناء الشام. وقد تجد شبابنا متعجلين يعالجون الشعر بغير آلة فلا يلقون تشجيعا ولا يسعهم إلا أن يقصروا ويفيقوا من حلم الشباب الذى أوهمتهم حيويته الدافقة أنهم يقدرون على كل شىء بآلة أو بغير آلة.