حتى فى تأليف الوزارات أحيانا مثال ذلك أن رئيس الجمهورية دمشقى ، وسعد الله الجارى بك (٢٢) الذى استقال من رياسة الوزارة منذ بضعة أيام حلبى وليس هذا بمطرد فى كل حال ولكنى أراه يراعى أحيانا كما قلت.
بساطة العلاقات بين الناس :
وقد تعجب بعض الإخوان الذين لا يعرفون الديار الشامية الديمقراطية (القوم) وأدهشهم وراعهم انتفاء التكاليف الرسمية وإيثار البساطة وقلة الاحتفال بمناصب الحكم أو الاعتذار بما يصاحبها من جاه وسلطان وأبهة ، فإنك تدخل على الوزير كما تدخل على الموظف الصغير ، ولا تحتاج إلى أكثر من الاستئذان الواجب ـ حتى ـ بين الأصدقاء ، فإذا انتهى العمل رأيت الوزير الكبير والرجل الصغير ـ موظفا كان أو غير موظف يجلسان ويتسامران كأنهما ندان.
ولا عجب فى هذا فإنه روح الشرق العربى كله ، لا فرق بين العراق والشام ولبنان وفلسطين والحجاز ونجد اليمن بل هى روح الإسلام الذى يجعل أكرم الناس عند الله أتقاهم ، وقد عجز الحكم التركى الطويل عن مسخ هذه الروح وتشويهها. وروح الشام جمهورية بحت ، فهى تسمح بالتحرر من كثير من القيود الرسمية وبإرسال النفس على السجية غير أن هذا لا يغرى بسوء الأدب أو قلة الذوق وليس أحسن أدبا ولا أرق حاشية ولا أحرص على المروءة من أبناء العربية فى هذه الديار عامة وفى الشام خاصة ، وقد يبلغ الخلاف والتنافس بينهم أشد مبلغ ، فلا يورث التقاطع والتدبر ولا