فزوى ما بين عينى وزام فانصرفت عنه بعد ذلك ، إلى ما يدور فى نفسى.
والآنسة فلك الطرزى أديبة صديقة لى ، عزيزة على ، ولقد لقيت من كرمها وعطفها ومروءتها ما يعيينى شكره ، وأتعبتها حتى خيل إلى إنى أزهقت روحا لكنها ظلت على عهدى بها من الوفاء وصدق المودة ، وكانت جلستها هذه بين الرجال فى مهرجان المعرى ، دون بنات جنسها مظهرا يفقأ العين بثورتها على الحجاب ، وقد كنا فى رحلتنا الطويلة إلى شمال سوريا نخوض فى كل موضوع ولكنا ندور ونلف ثم نكر إلى حديثها أو حديث الحجاب والسفور فى الحقيقة ، فكان الأستاذ الشيخ المغربى يقول إنه لا ينكر السفور أو يأباه على أن يكون شرعيا ولكن ينكر أن تخرج المرأة وحدها وأن تجالس الرجال.
فأقول له" ولماذا؟ " ماذا تخشى عليها؟ " إن فضيلة المرأة المحجوبة السجينة فى بيتها التى لا تخرج إلا فى حراسة الزوج أو الأخ أو الإبن : هى فضيلة الجدران الأربعة ، " وأخلق بها أن تفقد القدرة على المقاومة والكفاح لأنها استغنت عنهما بما يحميها من غير ذات نفسها فلم تتعودهما".
وضربت له مثلا ، قلت إنى كنت فى حداثتى ، لجهلى أخاف البرد ، فلا أزال استكثر من الثياب ، وكنت ألف على رأسى فوطة كبيرة عند النوم فكان الزكام كثيرا ما يصيبى ويتعبنى ، فاستشرت طبيبا حاذقا ، فلما رأى كثرة ما على بدنى من الثياب ، وكان الوقت صيفا ، قال إن هذه هى العلة : فإن ثيابك هى التى تقاوم البرد دون جسمك ، فأقل تعرض للهواء يسقمك لأن جسمك لم يتعود المقاومة ، فينبغى أن تعوده ذلك والصيف لهو فرصتك ، فخفف ثيابك شيئا فشيئا نم