هذه الرحلات المازنية نافذة على الذات المصرية والعربية وعلى الآخر البعيد المتقدم ومن ثم كان الهدف القومى من بواعث وأهداف هذه الرحلات فى الداخل والخارج فقد شهدت القرون التالية لابن جبير كثيرين من الرحالة الذين أغنوا الأدب العربى وبعض العلوم العربية الأخرى بما كتبوه فى رحلاتهم من أمثال : ـ " عبد اللطيف البغدادى" و" ياقوت الحموى" و" ابن سعيد" و" العبدرى" فى القرن الثالث عشر و" ابن بطوطة و" ابن خلدون" و" محمد بن رشيد الفهرى الأندلسى" و" محمد التجانى" فى القرن الرابع عشر. ثم رحلة" الظاهرى" و" الملك قايتباى" فى القرن الخامس عشر. وحتى هذا القرن فقد ظل العرب متفوقين فى ميدان الرحلات ، إلى أن قامت حركات الاستكشاف الأوربية وكان العرب قد منوا بفترة من التأخر امتدت ثلاثة قرون أو يزيد عم خلالها الضعف والجهل فى جميع ميادين الحياة وانصرف الكثيرون عن الحياة إلى الزهد ، ولم يصلنا خلال هذه القرون شئ ذو بال من الرحلات فقد اقتصرت إلى حد كبير على زيارة" استنبول" عاصمة الخلافة العثمانية أو على الحج وزيارة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية ومن أبرز هذه الرحلات رحلة سعيد المراكشى"" العياشى" ورحلة" عبد الغنى النابلسى" ورحلة" على الجبيلى" وظل هذا الجمود العام يطبق على أدب الرحلة فى جملة ما يطبق عليه من حياة الأمة العربية حتى كانت النهضة الحديثة ففتحت على أساسها أبواب أوربا على البلاد العربية (١).
ومن ثم جاءت رحلات القرن التاسع عشر الميلادى إلى أوربا استجابة لإعادة الرغبة فى الحياة ولهذا جاءت رحلات رواد النهضة