العشرين والمقارن بين نتاج القرن العشرين ونتاج القرن التاسع عشر وكتاباته يجدها مشحونة بوصف (الآخر) والغوص فى تفاصيل حياته اليومية ، ومنجزاته الحضارية والثقافة.
أما فى القرن العشرين فقد خف الانبهار بالآخر وحاول الرحالة العرب ، وأصحاب كتب الرحلة أن يمدوا أبصارهم إلى الذات لأول مرة دون مقارنة بالآخر (الغريب) المتفوق علينا جميعا فقد اهتم هؤلاء الكتاب بذاتهم من ناحية (وهم رومانسيون ذاتيون بالضرورة) ثم اهتموا من الناحية الثانية بذاتهم القومية والعربية فإذا كانت الريحانيات تصف لبنان تاريخا وجغرافيا فرحلات إبراهيم المازنى تصف العلاقات العربية على المستويين : الإنسانى والاثنوجرافى. وهذا ما يتضح فى مقدمة رحلة الشام للمازنى ـ كما سنفصل بعد قليل وكما هو واضح فى كلمة"" ميخائيل نعيمة" للريحانيات المسماة" قلب لبنان" بقوله كنت بارا بأخيك وبالأدب العربى وبوطنك عند ما أصدرت قلب لبنان ......"(٢) فقد أحب الشاميون وطنهم مثلهم مثل بقية العرب ولو لا ضيق هؤلاء بالسلطة التركية المهيمنة لما هربوا من بلادهم إلى أوربا أو أمريكا ، أو مصر لقد تعاملوا مع المهجر على أنه المنفى المختار ولم يخف واحد منهم تعلقهم بالوطن الأول وهذا واضح فى كتاباتهم الشعرية والنثرية. ولقد اختلطت مفاهيم السفر ، والرحلة ، والمغامرة ، والهجرة ، والمنفى فى هذه الكتابات كما اختلطت مفاهيم الوطن والفردوس والأمومة متوازية مع الحنين إلى هذا الوطن وقد تم ذلك رغم استفادتهم من مواطن الهجرة فى الثقافة بعامة والأدب بخاصة حتى سبق إنتاجهم المكتوب أواخر القرن التاسع عشر متأثرا بالأشكال الغربية