فأدب الرحلة يمكن أن نجد له جذوره الشعبية والأسطورية فى الحكايات والأساطير والملاحم والسير لدى الشعوب التى أنتجت هذه الأنواع. ولهذا كانت تسمى الرحلة آنذاك باسم القائم بها وليس باسم كاتبها.
فرحلة" عوليس" هى رحلة" عوليس" وليست رحلة" هوميروس" كذلك رحلة" إيزيس" فى بحثها عن جثة أوزوريس هى رحلة إيزيس وليست رحلة كاتب أو مؤلف أو مؤلفى هذه الأسطورة ، ورحلات السندباد البحرى فى ألف ليلة وليلة هى رحلات السندباد البحرى وليست رحلات المؤلفين الشعبيين الذين أنشأوا هذه الرحلات. كذلك تغريبة" بنى هلال" فى سيرتنا الشعبية وهكذا.
وأسطورية وشعبية هذه الرحلات وراء اختفاء كاتبها ـ بالطبع ـ وظهور اسم بطلها الأسطورى أو الشعبى وإن كانت الأسطورية هنا لا تتناقض مع إمكانية حدوث بعض حوادثها فى واقع الحياة كذلك وإن كانت شعبيتها لا تتناقض مع إمكانية حدوث هذه الرحلات أو بعضها. إنما يصدر الخلاف ـ هنا ـ من خلال الخصائص الأسطورية ـ الشعبية للرحلة القديمة عن الرحلة الوسيطة والحديثة والمعاصرة حيث تختلف الخصائص الثقافية والفنية واللغوية والتقنية فى الأسطورى والشعبى عن مثيلاتها فى الأدب معلوم المؤلف أو معلوم المصدر ، لأنه يكون آنذاك أدبا ذا خصائص فردية وإن مازجه انعكاسات وتأثيرات هذا التراث الأسطورى ـ الشعبى والخرافى فى أدب الفرد ، المنسوب إلى اسمه ولهذا يغلب على هذا النوع من" أدب الرحلة" المنظور" الشعبى" الذى كتب به ، وما يحمله