هذا المنظور من خصائص إنسانية عامة وفنية وتقنية تكاد تكون ثابتة ترتبط بفن القص والسرد الشعبيين على مر العصور.
وتملك هذه النصوص ـ أيضا ـ خصائص إثنو جرافية ، وإثنو لوجية (١) إلى جانب خصائصها التقنية الفريدة ، فهى نصوص تصلح كوثيقة لتحليل علاقات الأفراد والشعوب فى هذه الفترة البعيدة من تاريخ الإنسان.
ونستطيع أن نقول إن ما وصل إلينا ـ بلا شك ـ أقل بكثير جدا مما حدث ومما حكى ومما كتب ، فقد ضاعت فى أغوار التاريخ حكايات وأساطير وسير للأبطال والجماعات لم تصل إلينا ، ولكنها تركت فى ذاكرة الشعوب مادة متوارثة ، بقى منها ما اتفق مع أمزجتهم وذوقهم وثقافتهم.
ولهذا كانت المرحلة التالية فى الأهمية لأدب الرحلة أو الكتابة عن الرحلة ، تلك الرحلات العربية المحددة الموسومة باسم صاحبها ، فيما بين القرن الرابع الهجرى والتاسع الهجرى (العاشر والخامس عشر الميلاديين) وهى المرحلة التى خلفت لنا كتب الرحلات فى تراثنا الإسلامى.
وهى الفترة التى شهدت السيادة الإسلامية على المحيط الهندى وتجارته. كما شهدت الحروب الصليبية ضد السيادة الإسلامية فى الوقت نفسه ، وهذا ما جعل الرحالة المسلمين متوجهين إلى الأراضى الإسلامية بخاصة. فقد وضح الفارق بين الأنا والآخر ، فاستوجبت الدراسة من الفريقين المسلم والصليبى لهذه الأرض